نعلم أنّ المهدي- الحجّة بن الحسن العسكري عليه السلام- غاب عن الأنظار عام
260 ه وقد مرّت لحد الآن ألف سنة على هذه الغيبة؛ والذي نريد أن نعرفه: ما فلسفة
هذه الغيبة الطويلة؟
الجواب:
لابدّ من الإلتفات بادئ الأمر إلى أنّ غيبة الإمام عن أنظارنا لا تعني أنّه
يعيش في عالم آخر غير عالمنا، أو تبدل وجوده الجسمي إلى وجود غير مرئي كأمواج
الأثير؛ بل معنى غيبته أنّه يعيش بين الناس وأنّهم يرونه، لكنهم لا يعرفونه، وهو
يعيش عيشة طبيعية.
أمّا لماذا طالت غيبته وما فلسفة ذلك؟ فلابدّ من القول: هنالك اختلاف كلي بين
مشروع الإمام ومشروع الأنبياء وسائر الأوصياء، فمشروعه ليس تشريعياً، بل مشروعه
إجرائي للعالم كافّة؛ بمعنى له مهمّة تطبيق جميع المبادئ الإسلامية في العالم وبسط
العدل والقسط بين صفوفه. صحيح أنّ الأنبياء والأوصياء نفذوا جانباً من هذا
المشروع، إلّاأنّ هذه القضية لم تتخذ بعداً عالمياً وشمولياً بفعل غياب الاستعداد
عن أغلب ابناء العالم.