فطبقاً لهذا
الحديث الشريف فإنّ الإسلام يبدأ من واقع الإنسان و قلبه ثمّ يطوي المراحل
المختلفة ليصل إلى مرحلة العمل و الممارسة، أي أن الإسلام بدون الاعتقاد القلبي و
بمجرد أداء بعض التكاليف و العبادات لا يكفي في تحقق الغرض كما أن الاعتقادات
لوحدها لا تكفي من دون أداء العبادات و التكاليف العملية و عليه فإنّ الإسلام هو
مجموعة من الاعتقادات و الأعمال الأخلاقية و الدينية.
2- كلمة
«أمر» تدلّ على مفهوم إيجابي واسع، ففي هذه الكلمة تكمن القدرة و القوّة، و هذا
يعني أن «اولو الأمر» يجب أن يتحركوا مع الناس من موقع القدرة و القوّة و الحكومة
لا أنهم يطلبون هذا المقام و يمارسون نشاطاتهم بالتوسل و حالة الاستعطاف من الناس،
و هذا المعنى وارد أيضاً في كلمة «الأمر بالمعروف» فإنّ الأمر هنا يجب أن يكون من
موقع القدرة و لكن لا بدّ من الالتفات إلى أن موقع القدرة لا يتنافى مع استخدام
اسلوب المرونة و المداراة مع الناس لتحقيق المعروف و كما ورد في القصة المعروفة عن
الإمام الحسن المجتبى عليه السلام حيث تقول الرواية: «و من حلمه ما روي عن الكامل
للمبرّد و غيره أنّ شامياً رآه راكباً فجعل يلعنه و الحسن لا يردّ، فلما فرغ أقبل
الحسن فسلّم عليه و ضحك فقال: أيها الشيخ أظنك غريباً و لعلّك تشبّهت، فلو
استعتبتنا أعتبناك، و لو سألتنا أعطيناك، و لو استرشدتنا أرشدناك، و لو استحملتنا
أحملناك، و إن كنت جائعاً أشبعناك، و إن كنت عرياناً كسوناك، و إن كنت محتاجاً
أغنيناك، و ان كنت طريداً آويناك، و إن كان لك حاجة قضيناها لك، فلو حرّكت رحلك
إلينا و كنت ضيفنا إلى وقت ارتحالك كان أعود عليك لأنّ لنا موضعاً رحباً و جاهاً
عريضاً و مالًا كثيراً. فلمّا سمع الرجل كلامه بكى، ثمّ قال: أشهد انّك خليفة
اللَّه في أرضه، اللَّه أعلم حيث يجعل رسالته، و كنت أنت و أبوك أبغض خلق اللَّه
إليّ و الآن أنت أحبّ خلق اللَّه إليّ، و حوّل رحله إليه و كان ضيفه إلى أن ارتحل
و صار معتقداً لمحبّتهم» [2].