أجل! فإنّ
واقعة غدير خم و مسألة الولاية و خلافة أمير المؤمنين تعتبر أفضل تفسير بل هي
التفسير الصحيح لهذه الآية الشريفة، لأنّ مع وقوع هذه الحادثة المهمة فإنّ آمال
المنافقين و أعداء الإسلام قد تبددت و تبدلت إلى يأس.
اعتراف
جذّاب من الفخر الرازي
يقول الفخر
الرازي المفسّر السنّي المعروف:
«قال أصحاب الآثار انّه لمّا نزلت هذه الآية على
النبيّ صلى الله عليه و آله لم يعمر بعد نزولها إلّا أحداً و ثمانين يوماً أو
اثنين و ثمانين يوماً و لم يحصل في الشريعة بعدها زيادة و لا نسخ[1] و لا تبديل البتّة[2]».
و على وفق
مقولة الفخر الرازي هذه فإنّ الآية الشريفة قد نزلت قبل رحلة النبي صلى الله عليه
و آله بواحد و ثمانين يوماً أو اثنين و ثمانين يوماً، و على هذا الأساس فيمكن حدس
وقت نزول الآية الشريفة، و لإيضاح هذا المطلب يلزمنا التعرف على زمن رحلة النبي
الأكرم صلى الله عليه و آله فإنّ
[1] و في هذه الأيّام نرى بعض الجهال و المغرضين
يطرحون شبهات مختلفة، و أحدها أن الإسلام لا يتحدد بما وصل إلينا من النصوص
الدينية في تراثنا الديني بل لا بدّ من الاستعانة بالعقل و الفكر لانتاج المزيد من
القوانين الشرعية في دائرة الدين و أن النبي صلى الله عليه و آله لو كان قد عاش
أكثر ممّا عاش فإن الوحي سيرفده بقوانين و أحكام جديدة أكثر ممّا هو موجود الآن، و
بالتالي فإن الإسلام ليس ديناً كاملًا بل يجب العمل على إكماله.
الجواب: و
يتّضح الجواب عن هذه الشبهة و المغالطة بالرجوع إلى ما ذكره الفخر الرازي في هذا
المجال لأن النبي حسب الرواية المذكورة عاش بعد نزول آية إكمال الدين ثمانين يوماً
و نيفاً، و لو كانت هناك قوانين شرعية لم تصل إليه بعد لنزل الوحي بها عليه في هذه
المدّة، و هذا يعني عدم وجود قوانين إلهية و آيات قرآنية لم تنزل على النبي صلى
الله عليه و آله و أن مهمات المسائل و التعاليم السماوية قد بُيّنت بحيث لو فرض أن
النبي كان يعيش أكثر من المدّة المقرّرة ما كان سيزداد شيئاً على قوانين الإسلام.
و هنا لا
بدّ من إظهار التأسف على أن بعض الأشخاص غير المطلعين على المصادر الدينية يبدون
برأيهم من دون تحقيق، فلما ذا يكون المرجع في كلّ علم و فن هم أهل الخبرة و
المتخصصين في ذلك العلم و الفن و يكون الحقّ معهم فيما يقولون و ليس كذلك في
المسائل الدينية حيث نرى أن كل من هبّ و دبّ يدلي بدلوه و يصرّح برأيه في هذا
الميدان؟!