سؤال:
هل هناك تناسب و انسجام بين صدر الآية الشريفة و ذيلها؟ و هل أن الجواب على طلب
المشركين من النبي بأن يأتيهم بآية و معجزة هو «إنّما أنت منذر ...»؟
الجواب:
لأجل العثور على الترابط بين صدر الآية و ذيلها لا بدّ من مراجعة الآيات الاخرى
التي تتحدّث عن طلب الكفّار للمعجزة من النبي الكريم صلى الله عليه و آله.
و يحدّثنا
القرآن الكريم في الآيات 90- 93 من سورة الإسراء على لسان المشركين:
«وَ قالُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ»
هنا يقول الكفّار بأنّنا لن نؤمن لما تقول حتّى تأتينا بمعجزة، ثمّ طلبوا منه سبع
معاجز كما نريد و نشتهي، أي أن المعجزات التي تأتي بها من دون أن تكون مطابقة
لميلنا و رغبتنا فلا فائدة فيها، بل لا بدّ أن تكون المعجزة حسب رغبتنا و ميلنا
[1].
و يستفاد من
ظاهر الآية أنهم ذكروا سبع معاجز في دائرة طلبهم و توقعهم من النبي، و الظاهر أن
هذا الطلب صدر من أشخاص متعددين كلُّ واحد منهم طلب معجزة معيّنة:
1-
«حَتَّى تَفْجُرَ لَنا مِنَ الْأَرْضِ يَنْبُوعاً» فأوّل معجزة
طلبوها من النبي الأكرم صلى الله عليه و آله هو أن يفجر لهم في أرض الحجاز و
صحراءها المحرقة عيناً تفيض بالماء الزلال و تفور بالمياه العذبة ليشرب منها الناس
و دوابهم و يسقون مزارعهم.
2-
«أَوْ تَكُونَ لَكَ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَ عِنَبٍ فَتُفَجِّرَ الْأَنْهارَ
خِلالَها تَفْجِيراً» و هذه المعجزة أيضاً لها بعد في إحياء الأراضي
الميّتة و عمران المنطقة من خلال إيجاد بساتين مليئة بأشجار العنب و النخيل و تجري
من خلالها المياه.
3-
«أَوْ تُسْقِطَ السَّماءَ كَما زَعَمْتَ عَلَيْنا كِسَفاً»
و هنا نرى طلباً غير معقول و هو أنهم أرادوا من النبي أن يدعو اللَّه تعالى لإنزال
العذاب عليهم على شكل مطر من الأحجار السماوية لهلاكهم، و هذا الطلب إذا تحقّق
فإنهم سيؤمنون و يذعنون لدعوة النبي.
4-
«أَوْ تَأْتِيَ بِاللَّهِ وَ الْمَلائِكَةِ قَبِيلًا» و هكذا نرى
إنّ الإنسان عند ما يصل به العناد و اللجاجة إلى أعلى المراتب لا يلتفت إلى ما
يقول، فهؤلاء لم يقولوا: اذهب بنا إلى اللَّه
[1] انظر تفصيل شأن النزول لهذه الآيات في
التفسير الامثل: ج 7 ذيل الآية.