فطبقاً لهذه
الرواية الشريفة فإن الإمام علي عليه السلام كان يقضي بالحقّ دائماً ببركة دعاء
النبي صلى الله عليه و آله له و لم يتفق له أن يشك أو يتردد في مورد من الموارد.
علي عليه
السلام أفضل القضاة!
3- جاء شخص
إلى رسول اللَّه صلى الله عليه و آله و قال:
عن الصادق عن
أبيه عليهما السلام: إنّ ثوراً قتل حماراً على عهد النبي صلى الله عليه و آله فرفع
ذلك إليه و هو في أناس من أصحابه فيهم أبو بكر و عمر، فقال: يا أبا بكر اقضِ
بينهم، فقال: يا رسول اللَّه بهيمة قتلت بهيمة ما عليهما شيء. فقال صلى الله عليه
و آله: يا عمر اقض بينهم. فقال مثل قول صاحبه.
فقال: يا علي
اقض بينهم. فقال: نعم يا رسول اللَّه، إن كان الثور دخل على الحمار في مستراحه ضمن
أصحاب الثور، و إن كان الحمار دخل على الثور في مستراحه فلا ضمان عليهم. فرفع
النبي صلى الله عليه و آله يده إلى السماء فقال: الحمد للَّه الذي جعل مني من يقضي
بقضاء النبيين [1].
فقال النبي
الأكرم صلى الله عليه و آله تأييداً لقضاء الإمام علي عليه السلام في هذا المورد:
إن قضاء
الإمام علي عليه السلام في هذه الواقعة هو المصداق لما ورد في فقه الشيعة كقاعدة
كلية و هي «عند ما يكون السبب أقوى من المباشر فالسبب ضامن» و في القصة المذكورة
آنفاً كانت البقرة هي المباشرة للقتل و صاحب البقرة الذي تركها حرة و لم يربطها هو
المسبب للقتل، و بما أن السبب أقوى لمكان العقل و الشعور و ليس للحيوان ذلك العقل
و الشعور و لهذا فالسبب هو الضامن [3].
[3] كما هو الحال فيما لو دعى صاحب البيت شخصاً
لضيافته، و كان في البيت كلب هارٍ يهجم على الغرباء و لم يخبر صاحب البيت ضيفه
بأمر هذا الكلب و لم يهتم لدفع الخطر عن الضيف، فلمّا دخل الضيف إلى البيت هجم
عليه الكلب و جرحه، فهنا يضمن صاحب البيت، لأن الكلب و إن كان هو المباشر، و صاحب
البيت هو السبب، إلّا أن السبب هنا أقوى من المباشر، فيكون الضمان عليه.