الجواب:
القرآن كتاب لتهذيب الإنسان، و التاريخ البشري له دور مهم في تعليم و تربية
الإنسان في حركة حياته الفردية و الاجتماعية، و الخلاصة أن الإنسان يعيش التجربة و
الحوادث المتنوعة في هذه الحياة و ما أحسن أن يستفيد الإنسان من تجارب الآخرين على
مستوى العبرة و السلوك العملي لا أن يتمنّى كما يقول بعض الشعراء أن يعيش و يحيى
مرتين و يجعل إحدى الحياتين لممارسة التجارب و الثانية للاستفادة من تلكم التجارب
الماضية.
إنّ فرعون و
الأقوام التي سبقته أي قوم شعيب، عاد، ثمود و أقوام اخرى و كذلك المدن المؤتفكة أي
المنقلبة و المدمَّرة بسبب تلوّث أهلها بالخطيئة و الذنوب الكبيرة، «المؤتفكات»
جمع «مؤتفكة» و تشير إلى قصة قوم لوط عند ما نزل عليهم العذاب الإلهي و أصابهم
الزلزال المهيب و دمر بيوتهم و منازلهم بحيث إنّ الرائي لها يحسبها قد انقلبت
رأساً على عقب و بعد الزلزال نزل عليهم مطر من الشهب و الأحجار الموسومة و دمّر ما
تبقى من آثارهم، و السبب في نزول هذا العذاب هو ممارستهم الخطيئة و الإصرار على
الذنوب حيث أشارت الآية إلى هذا المعنى «بالخاطئة».
إنّ الأقوام
السالفة تحرّكوا في سلوكياتهم مقابل دعوة الأنبياء من موقع العناد و الابتعاد عن
الحقّ و لذلك أنزل عليهم اللَّه تعالى العذاب الشديد، و التعبير بقوله «ربّهم»
إشارة إلى أنّ اللَّه تعالى أراد تهذيبهم و صلاحهم بإرساله الأنبياء إليهم و لكنّ
بعض الناس أصرّوا على معتقداتهم الزائفة و لم يستجيبوا لدعوات الأنبياء و تعاليمهم
الإلهية و الصادرة من ولي أمرهم و مربّيهم و لذلك استحقوا العذاب و العقاب الشديد.