في هذه الآية
الشريفة نرى ارتباطاً بين الإيمان و العمل الصالح من جهة و النفوذ إلى قلوب الناس
من جهة اخرى، حيث يقرر اللَّه تعالى في هذه الآية الشريفة المحبّة في قلوب الناس
نتيجة الإيمان و العمل الصالح، و معنى هذه العبارة هي أنه من الممكن أن يتسلط
الإنسان بقوّة السلاح و السيف على الناس بأجسادهم و أبدانهم، و لكنه لا يستطيع
إطلاقاً أن يتسلط على قلوبهم و أرواحهم و يفتح طريقاً إلى أعماق وجدانهم بالقوّة و
القهر.
سؤال:
إذن ما هي حقيقة العلاقة بين الإيمان و العمل الصالح من جهة و بين النفوذ إلى قلوب
الناس و المقبولية العامة في أوساط المجتمع من جهة اخرى؟ هل يمكننا أيضاً تحصيل
هذه النعمة الكبيرة من خلال الإيمان و العمل الصالح؟
الجواب:
بالإمكان تصوير هذه العلاقة الثنائية على نحوين:
الأوّل: أن
يكون هذا الارتباط المعنوي و الإلهي وفقاً لحكمة اللَّه تعالى التكوينية كما هو
الحال في المحبّة التي جعلها اللَّه تعالى لموسى عليه السلام في قلب فرعون و زوجته
في حال طفولة موسى، حيث إن فرعون أمر بأن يقتل جميع الأطفال الذكور من بني إسرائيل
في مصر بهدف القضاء على العدو المحتمل، و لكن اللَّه تعالى قد قذف في قلبه حبّ
موسى و جعله يربّي موسى في بيته و قصره، و من هنا أراد اللَّه تعالى أن يظهر قدرته
الفائقة لفرعون و الفراعنة بأنهم لا يمكنهم التصدّي لإرادة اللَّه و مشيئته و لا
يمكن لأي قدرة أن تقف مانعاً و حائلًا دون إرادة اللَّه فيما لو تعلقت بشيء من
الأشياء، فمثل هذه العلاقة العاطفية و المحبّة القلبية لا تكون اكتسابية بل هي
موهبة من اللَّه تعالى.
الثاني:
العلائق العاطفية العاديّة القابلة للتحليل المنطقي، فإنّ العمل الحسن و الصالح
يتمتع بجاذبيّة و حتّى الأشخاص المنحرفين و الفاسدين ينجذبون نحو حسن الأعمال و
جمالها الأخلاقي.
مثلًا
«الأمانة» تعتبر من الأعمال الصالحة، و الإنسان الأمين يعدّ إنساناً صالحاً و مورد