و طبقاً
لصريح هذه الآية الشريفة فإنّ عدم قبول الآيات الإلهية و إنكار الكتب السماوية و
معجزات الأنبياء يعدّ نوعاً من الظلم لهذه الآيات الإلهية لأنّ الإنسان عند ما
يتحرك لمنع الشيء القابل لهداية الناس من التأثير و الفاعلية، ففي الحقيقة إنه
يرتكب ظلماً بحقّه، مضافاً إلى أنه ظلم الناس حقّهم في الاستفادة منه، و عليه فإنّ
الأشخاص الذين يعملون على تشويه سمعة الإسلام أو يقومون بالإساءة إلى الإسلام من
خلال أعمالهم القبيحة أو يتحركون على مستوى تفسير و تأويل قوانين الإسلام حسب
رأيهم و أفكارهم فكلُّ ذلك من أشكال الظلم للإسلام.
و الخلاصة هي
أن أظلم الناس هو الشخص الذي يكذب على اللَّه و على رسوله، و عقوبة مثل هذا الشخص
شديدة جدّاً كما وردت في الآية الشريفة:
«أَ لَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوىً
لِلْكافِرِينَ» فإنّ مصير مثل هذا الإنسان الظالم الذي ظلم نفسه و مجتمعه و الآيات
الإلهية هو جهنم، فهي مثوى للكافرين، فهنا نرى أن الآية الشريفة لا تصرّح ببيان
عاقبة أظلم الناس بل طرحت المسألة على شكل سؤال و استفهام، و هذا بنفسه تعبير دقيق
و يحتاج إلى التأمل حيث إنّ مثل هذا المصير و مثل هذه العقوبة لهؤلاء الأشخاص تكون
متوقعة لدى جميع الناس.
أما الطائفة
الثانية فتقع في النقطة المقابلة للطائفة الاولى فهم الذين يصدّقون بمن جاء
بالنبوّة الصادقة و يصدّقون كذلك برسالتهم فهؤلاء هم المتّقون، فرغم أن الآية
الشريفة لا تذكر مفردة «أتقى» و لكننا يمكننا أن نفهم بدليلين أن هاتين الفئتين هم
أتقى الناس: أحدهما بقرينة المقابلة مع الطائفة السابقة
و هم أظلم الناس، أي أن الآية عند ما تجعلهم في مقابل المكذّبين للَّه و رسوله و
في مقابل أظلم الناس فإنّ هؤلاء المصدّقين باللَّه و رسوله هم أتقى الناس حتماً،
و الآخر إنّ جملة «هم المتقون»
تدلُّ على الحصر، و تعني أن هؤلاء هم أهل التقوى فقط و هم المتقون الحقيقيون، و
على هذا الأساس فإنّ المثوبات المقررة لهؤلاء المتقين في القرآن الكريم تختص
بهؤلاء الأشخاص الذين أشارت إليهم هذه الآية الشريفة مضافاً