ثلاث خطط
خطرة لمواجهة دعوة النبي الأكرم صلى الله عليه و آله، فقالوا: «إما أن نقتل هذا
النبي، أو نلقيه في السجن بحيث لا يتمكن أيُّ شخص من رؤيته و الحديث معه، أو نقوم
بإبعاده عن أرض الحجاز» [1].
إنّ الشواهد
التاريخية تشير إلى أنهم اختاروا الرأي الأوّل الذي هو أخطر الثلاثة، و اختاروا من
أجل تجسيد هذه الفكرة على أرض الواقع الخارجي أربعين شخصاً من مختلف قبائل العرب
يتصفون بالشجاعة و المهارة ليقوموا بمحاصرة بيت النبوّة ليلًا ثمّ يتمكنوا من قتل
النبي الأكرم صلى الله عليه و آله، و هكذا صنع هؤلاء الأشخاص و جاءوا ليلًا و
أحاطوا ببيت النبوّة ثمّ تسلّقوا الجدار أو نفذوا من كوة فيه و انتظروا حتّى تحين
الفرصة المناسبة لقتل النبي.
و لكنّ
اللَّه تعالى أخبر نبيَّه الكريم بواسطة الوحي بمؤامرة المشركين فعزم النبي صلى
الله عليه و آله على الخروج من مكّة، و لكنه لتحقيق هذا الهدف و التخلّص من هذه
المؤامرة الشيطانية ينبغي أن يقوم بأمرين:
الأوّل:
أن يقوم بالتوجّه إلى خارج مكّة و في الطريق المعاكس لطريق المدينة، أي أنه بدلًا
من أن يتوجّه شمالًا نحو المدينة فإنّه تحرك إلى الجنوب منها لكي لا يلتفت الأعداء
إلى خروجه من مكّة و هجرته إلى المدينة و ليمنعهم من ملاحقته.
الثاني:
لا بدّ و أن يجد الشخص المناسب لينام في مكانه لإيهام الأعداء بعدم خروج النبي من
البيت فيؤخرهم عن ملاحقته و القبض عليه.
و لهذا الغرض
قال لعلي ابن أبي طالب عليه السلام: «اتشح ببردي الأخضر و نم
على فراشي».
فقال الإمام
علي عليه السلام: إذا نمت على فراشك فهل ستنجو من الخطر و تصل إلى المدينة بسلام؟
[2]
فقال النبيّ:
نعم يا عليّ، فسجد الإمام علي عليه السلام شكراً للَّه تعالى، و يقال أنها أول
سجدة شكر كانت في الإسلام.
[1] و قد أشار القرآن الكريم إلى هذه الواقعة في
الآية 30 من سورة الأنفال في قوله تعالى «و إذ يمكر بك الّذين كفروا ليثبتوك أو
يقتلوك أو يخرجوك و يمكرون و يمكر اللَّه و اللَّه خير الماكرين».
[2] هنا ينبغي الالتفات إلى أن الإمام علي صلى
الله عليه و آله لم يسأل عن الخطر الذي يهدد حياته هو، بل كان همّه هو سلامة النبي
و نجاته، و عند ما اطمأن لسلامته رضي بالمبيت على فراش النبي بكل طيب خاطر.