فأشار الإمام
علي عليه السلام إلى نخلة من نخيل الكوفة و قال: سوف تُصلب على جذع هذه النخلة.
هذا العاشق
الخالص لم يبتعد عن الإمام و لم يهرب من تلك المدينة و يترك أهله و دياره بل أزداد
حبّاً و عشقاً للإمام علي.
كان في كلّ
يوم يتوجّه إلى تلك النخلة و يهتم بعنايتها و سقيها و يصلّي ركعتين عندها و يتحدّث
معها حديث العاشق لمعشوقه:
- أيتها
النخلة لقد خُلقت لي و خلقت لك و سوف يصلب بدني على جذعك بسبب حبّي للإمام علي
عليه السلام ... [1] أين نحصل على مثل هذا الإنسان
العاشق في تاريخ البشرية؟
و حان اليوم
الموعود و تمّ صلب هذا العاشق على ذلك الجذع و لكنّ عشقه لمحبوبه لم يخفّ لحظة بل
أزداد توهجاً و اشتعالًا و شرع بذكر فضائل و مناقب الإمام علي عليه السلام حتّى أن
الأعداء لم يتحملوا منه ذلك و أمروا بقطع لسانه و هكذا ضحّى بنفسه في سبيل مراده.
سؤال:
أ ليست التقية واجبة في نظر الإسلام؟ إذن فلما ذا لم يستخدم هؤلاء الأشخاص عنصر
التقية للمحافظة على أنفسهم و اجتناب إلقاء أنفسهم في التهلكة؟
الجواب:
إنّ التقية كما هي واجبة في بعض الموارد فكذلك تكون حراماً في موارد اخرى، فعند ما
يتعرض أساس الدين و المذهب للخطر و تسود الظلمة و الانحراف جميع أرجاء المجتمع
الإسلامي و يتعرض الأحرار للسجن و القتل فحين ذاك يجب على من يتمكن من إيصال صوته
إلى الناس أن يفضح قوى الانحراف هذه و يتصدى بكلّ وسيلة لجهاز الحكم، و في هذه
الصورة فإنّ التقية ليست فقط غير واجبة بل إذا تستر الإنسان المسلم بالتقية فإنه
يكون قد ارتكب معصية كبيرة.
[1] تختلف طريقة الاعدام في السابق عن هذا
الزمان، ففي هذا الزمان يتم اعدام الشخص بأن يوضع حبل حول عنقه و يعلق على خشبة
الاعدام أو يُسحب الكرسي من تحت قدميه فيموت في أقرب مدّة، و لكن الاعدام في
السابق كان على شكل صلب بأن يشدّ الحبل على يديه و على قدميه و يربط على خشبة أو
جذع و يبقى هكذا تحت الشمس لعدّة أيّام إلى أن يموت من الحر أو البرد و من الجوع و
العطش و حتّى أنه تبقى جثته مدّة بعد موته ليكون عبرة للآخرين إلى أن يتحول إلى
عظام فحسب.