فالآية
السابقة بيّنت على أن أجر الرسالة لم يكن بدافع المصلحة الشخصية للنبي صلى الله عليه
و آله، بل يعود النفع فيها للناس، و هذه الآية الشريفة تبيّن أن مسألة أجر الرسالة
يستوحي مقوّماته من استمرار الأهداف الإلهية من الرسالة، و في الحقيقة أن النفع
يعود إلى أصل الدين.
النتيجة هي
أن مسألة «أجر الرسالة» لم يكن يقوم على أساس النفع الشخصي لنبي الإسلام بل كان
النبيّ الأكرم صلى الله عليه و آله كسائر الأنبياء في عدم طلبه الأجر الشخصي من
الناس، و لكنّ أجر الرسالة المذكور في آية المودّة هو في الحقيقة باعث على استمرار
الرسالة و دوام الدين، و مع الالتفات إلى هذه الحقيقة و هي أن «مودّة القربى» لها
هذا الاعتبار الكبير بحيث تمثّل عاملًا مهماً لاستمرار الرسالة، فهل يصحّ التعامل
مع هذه الآية الشريفة من موقع عدم الاهتمام بالتدبّر فيها حذراً من انقلاب الآراء
و الأفكار المسبقة؟
تفسير
«القربى» في نظر الشيعة
يتفق علماء
الشيعة على أن المراد من «القربى» في هذه الآية الشريفة هم أهل بيت النبوّة عليهم
السلام، و لا شكّ أن «الولاية» هي استمرار للرسالة و عدل النبوّة، و لهذا فإنّ هذا
الأجر «مودّة القربى» ينسجم مع الرسالة، مضافاً إلى أن الولاية تقود الناس في خطّ
الإيمان و التقوى و الانفتاح على اللَّه تعالى.
إذا فسّرنا
آية المودّة وفقاً لما ذكره علماء الشيعة و مفسّروهم فسوف يتّضح جيداً المعنى
الكامل في آية المودّة مضافاً إلى الآيات الاخرى المتعلقة بها، و سوف يتبين أن
الارتباط فيما بينها هو ارتباط منطقي و صحيح، و الملفت للنظر أن دعاء الندبة الذي
هو في الحقيقة دورة كاملة من المعارف الإلهية المشحونة بالولاية يذكر في مضامينه
الآيات الثلاث المذكورة آنفاً، و يستنتج منها نتيجة مهمة و يتّضح أن الأئمّة هم
الطرق و الوسائل إلى اللَّه تعالى و الذين يقودون الناس إلى رحمة اللَّه و رضوانه.