كذلك أيضاً
لأنهم يعيشون مقام القرب الإلهي «عند ربّهم»
و هو المقام الذي ذكر للشهداء في سورة آل عمران الآية 169، و أما المراد بعبارة
«عند ربّهم»، و ما هي البركات المترتبة على هذا المقام؟ فغير معلوم لنا.
«ذلِكَ هُوَ الْفَضلُ الْكَبيرُ»
فبما أن هؤلاء المؤمنين يعيشون في أفضل الحالات المادية و المعنوية في روضات
الجنّات فلذلك عبّر اللَّه تعالى عن هذا المقام بأنه «فضل
كبير»، و عند ما يطلق اللَّه تعالى هذه الكلمة على نعمة و موهبة من
المواهب الإلهية يتبيّن من ذلك عظمة هذه النعمة و الموهبة بحيث تفوق حدّ التصور.
و النتيجة:
أن معيار العبودية للَّه تعالى أمران: الإيمان و العمل الصالح، و عليه فإنّ الامور
الاخرى من قبيل العلم و الثروة و القدرة و الاعتبار الاجتماعي و أمثال ذلك لا تكون
ذات قيمة إلّا إذا قيست بهذا المعيار و تحرّك الإنسان معها في خطّ الإيمان و العمل
الصالح.
«ذلِكَ الَّذِي يُبَشِّرُ اللَّهُ عِبادَهُ
الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ» ففي هذه
الآية الشريفة تكرر القول بأن الامور المذكورة سابقاً «روضات
الجنّات»، «لهم ما يشاءُون» و «عند ربّهم» هي مواهب
يبشّر اللَّه تعالى بها المؤمنين من ذوي الأعمال الصالحة لكي تساهم هذه البشارة في
رفع ثقل الطاعة و تحمل المسئولية و تمنح الإنسان قوّة في خط التصدي للأهواء و
الشهوات.
و مع
الالتفات إلى ما ذكرنا أعلاه حول الآية الشريفة، نبدأ بشرح و تفسير آية المودّة:
الشرح و
التفسير: مودّة أهل البيت، أجر الرسالة
«قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً»
لا شكّ أن نبي الإسلام صلى الله عليه و آله تحمّل في طريق إبلاغ الرسالة و نشر
الدعوة السماوية، أتعاباً كثيرة و مشقّات باهظة و لكنه بالرغم من ذلك لم يطلب
أجراً مقابل هذه الأتعاب و المشقّات، و عند ما جاءه بعض المسلمين و قالوا له: إذا
كنت تشكو من فاقة و نقص مالي فإننا نضع بين يديك أموالنا بدون قيد أو شرط، فنزلت
الآية أعلاه [1]
[1] التفسير الأمثل: سورة الشورى، الآية مورد
البحث.