و لهذا السبب
فهذه السورة لم تبدأ ب «بسم اللَّه الرحمن الرحيم» التي تتضمن الرحمة و الرحمانية
و الحنان و اللطف.
و أمّا سبب
تسمية هذه السورة ب «التوبة» فهو أن الكثير من آيات هذه السورة تدعو الناس للتوبة
و العودة إلى اللَّه تعالى، أي أنها على الرغم من إعلانها الحرب على الكافرين و
البراءة من المشركين و شرارات الحرب تملأ أجواء هذه الآية فإنّ آيات هذه السورة
تتضمن كذلك مفهوم التوبة بصورة واسعة بحيث إنها بعد إعلان البراءة من المشركين
تقول قبل نهاية الآية الخامسة [1] من هذه
السورة:
أي بالرغم من
أن الكفّار و المشركين قد تآمروا كثيراً على الإسلام و المسلمين و ارتكبوا جرائم
كثيرة و لكنهم لو تابوا و تمسّكوا بتعاليم الإسلام فإنّ توبتهم ستكون مقبولة.
و السبب في
أن لهذه السورة اسمين متضادين هو كثرة الآيات التي تشير إلى التوبة ضمن الآيات
التي تعلن الحرب و البراءة من الأعداء و المشركين و لعلّ ذلك لغرض بيان هذه
الحقيقة، و هي أن الإسلام لم يغلق باب العودة و خط الرجعة على المذنبين و المجرمين
حتّى في حال الحرب و القتال مع المسلمين فإنّ الإسلام لا يقصد الانتقام منهم بل
يهدف من تعاليمه حتّى من إقامة الحرب إصلاح الناس، و لهذا فلو أن الأعداء رغبوا في
التوبة في أثناء الحرب و أظهروا عملًا التزامهم بالتوبة فإنّ الإسلام سوف يرفع
عنهم حكم القتل بل سيتحرك نحو حمايتهم و تأييدهم.
و بعبارة
اخرى إنّ تركيب الآيات لهذه السورة و اختيار اسمين لها، يشير إلى حقيقة مهمة على
المستوى التربوي للناس و هي:
إنّ الإنسان
يحتاج في عملية التعليم و التربية إلى عنصر الخشونة و المداراة سويةً، فلو اتخذت
الحكومة في تعاملها مع الناس اسلوب الخشونة لأدى ذلك إلى نفور الناس و تفرقهم، و
لو تحدّثت الحكومة معهم من موقع المداراة و اللطف فقط لأساء المجرمون و الذين في
قلوبهم
[1] بل إن مسألة التوبة وردت قبل هذه الآية أي
في الآية الثانية.