مرّت الإشارة في عدد كبير من أحاديث هذا الباب إلى أنَّ الشياطين تغلّ في شهر رمضان ، وعندئذٍ يثار عدد من الأسئلة في هذا السياق ، هي : ما الشيطان ؟ في نطاق ما يتّسم به نظام الخليقة والوجود من حكمة ، لماذا سُمح للشيطان بإغواء الإنسان ؟ ما الثغور الّتي تمتدّ إليها سلطة الشيطان على الإنسان ؟ لماذا صار اللّه سبحانه إلى تصفيد الشياطين ومنعها من ممارسة تأثيرها الضالّ في شهر رمضان ، في حين تركها حرّة فيما عداه من الشهور ؟ وأخيرا : إذا كانت الروايات الدالّة على هذا المعنى صحيحة ، فلماذا يجنح عدد من الصائمين إلى ارتكاب الذنوب واجتراح الخطايا في هذا الشهر ؟ في الحقيقة يتطلّب الجواب على هذه الأسئلة بنحوٍ مُسهب وافٍ فرصةً سانحةً [1] ، بَيدَ أنَّ ما يمكن قوله إجمالاً : إنَّ الرؤية الإسلامية تفيد بأنَّ الشياطين عبارة عن موجودات غير مرئيّة من جنس الجنّ ، تتحلّى بالإدراك والمعرفة وتحظى
[1] سنعرض للبحث في جواب هذه الأسئلة ، وندرس جوانب هذا الموضوع تفصيلاً ، في مدخل عنوان « الشيطان » من موسوعة ميزان الحكمة إن شاء اللّه تعالى .[2] «وَ قَالَ الشَّيْطَـنُ لَمَّا قُضِىَ الْأَمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَ عَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَ وَعَدتُّكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَ مَا كَانَ لِىَ عَلَيْكُم مِّن سُلْطَـنٍ إِلاَّ أَن دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِى فَلاَ تَلُومُونِى وَلُومُواْ أَنفُسَكُم» ( إبراهيم : 22 ) .