تدومون على الحال التي وصفتم أنفسكم لصافحتْكم الملائكة ومشيتم على الماء ، ولولا أنّكم تذنبون فتستغفرون اللّه تعالى لأتى اللّه بخلق يذنبون فيستغفرون فيغفر لهم . إن المؤمن مفتنٌّ توّاب ؛ أما سمعت قول اللّه تعالى : « إنَّ اللّه َ /167/ يُحِبُّ التوّابِينَ وَيُحِبُّ المُتَطَهِّرينَ » [1] . وقال : « اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إلَيْهِ » [2] [3] انتهى [4] الحديث . وإن لم تتأثّر قلوبكم ـ أعاذنا اللّه وإيّاكم ـ فاعلموا يقيناً أنّ زمهريراً هوّنه [5] اللذات الدنيويّة ، وأماني تنعّماتها الموهوميّة سرَت في عروق أنفسكم سراية شديدة ، وجعلت حاسّة عقولكم خدرة جامدة حتّى لم تدركوا حلاوة هذه الكلمات التي كانت حقيقة سكرة روحانية ، ورزقة [6] حسنة للأرواح النورانيّة ؛ كما لا يدرك المريض طعم الحلو لتحذر الذائقة لنزول المواد المخدرة عليها ، فاجتهدوا [7] حينئذٍ في البصبصة والتضرّع والابتهال إلى اللّه الكريم الرّحيم بالزفرة والبكاء والأنين ليرحمكم اللّه تعالى ويقوّيكم على الرياضة ، فتروّضوا أنفسكم أوّلاً بعون اللّه تعالى وقوّته بتقليل الطعام يسيراً يسيراً على قدر ما يحفظ به اعتدال المزاج حتّى صار تقليل الأكل عادة وطبيعة لكم ، ثمّ بالاعتزال [8] عن المكبين على الدنيا والغافلين عن الآخرة ؛ لأنّ هذين كانا أسهل الرّياضات ومبدءا لجميع الرّياضات ، وذلك أنّ مِن تقليل الطعام ضعف مدد الداخلي للقوّة الشهوية البهميّة التي يلزمها الهواء والهوس إلى المشتهيات البهميّة ،
[1] سورة البقرة ، الآية 222 .[2] سورة هود، الآية 3 و 90 .[3] بحار الأنوار، ج6، ص420، ح78 عن الكافي، ج2، ص424 باب في تنقّل أحوال القلب ، ح1 ؛ وبحار الأنوار، ج67، ص56 ، ح28 . عن تفسير العيّاشي، ج1، ص109 .[4] ب : ـ انتهى .[5] ب : أهويه .[6] الف وب : رزقه .[7] الف . بنزول المواد الخدرة عليها ، فاجتهد .[8] الف وب : بالاعتراض .