قالَ: أخبَرَني أنَّكَ تَصلُبُني عاشِرَ عَشَرَةٍ، أنَا أقصَرُهُم خَشَبَةً وأقرَبُهُم مِنَ المَطهَرَةِ.
قالَ: لَنُخالِفَنَّهُ.
قالَ: كَيفَ تُخالِفُهُ؟! فَوَاللَّهِ ما أخبَرَني إلّاعَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه و آله عَن جَبرَئيلَ عَنِ اللَّهِ تَعالى، فَكَيفَ تُخالِفُ هؤُلاءِ؟! ولَقَد عَرَفتُ المَوضِعَ الَّذي اصلَبُ عَلَيهِ أينَ هُوَ مِنَ الكوفَةِ، وأنَا أوَّلُ خَلقِ اللَّهِ الجِمَ فِي الإِسلامِ. فَحَبَسَهُ وحَبَسَ مَعَهُ المُختارَ بنَ أبي عُبَيدٍ، فَقالَ ميثَمُ التَّمّارُ لِلمُختارِ: إنَّكَ تُفلِتُ وتَخرُجُ ثائِراً بِدَمِ الحُسَينِ فَتَقتُلُ هذَا الَّذي يَقتُلُنا. فَلَمّا دَعا عُبَيدُ اللَّهِ بِالمُختارِ لِيَقتُلَهُ طَلَعَ بَريدٌ بِكِتابِ يَزيدَ إلى عُبَيدِ اللَّهِ يَأمُرُهُ بِتَخلِيَةِ سَبيلِهِ فَخَلّاهُ، وأمَرَ بِميثَمٍ أن يُصلَبَ، فَاخرِجَ فَقالَ لَهُ رَجلٌ لَقِيَهُ: ما كانَ أغناكَ عَن هذا يا ميثَمُ! فَتَبَسَّمَ وقالَ وهُوَ يُومِئُ إلَى النَّخلَةِ: لَها خُلِقتُ ولي غُذِّيَت، فَلَمّا رُفِعَ عَلَى الخَشَبَةِ اجتَمَعَ النّاسُ حَولَهُ عَلى بابِ عَمرِو بنِ حُرَيثٍ. قالَ عَمرٌو: قَد كانَ وَاللَّهِ يَقولُ: إنّي مُجاوِرُكَ. فَلَمّا صُلِبَ أمَرَ جارِيَتَهُ بِكَنسِ تَحتِ خَشَبَتِهِ ورَشِّهِ وتَجميرِهِ، فَجَعَلَ ميثَمٌ يُحَدِّثُ بِفَضائِلِ بَني هاشِمٍ، فَقيلَ لِابنِ زِيادٍ: قَد فَضَحَكُم هذَا العَبدُ.
فَقالَ: ألجِموهُ. فَكانَ أوَّلَ خَلقِ اللَّهِ الجِمَ فِي الإِسلامِ. وكانَ مَقتَلُ ميثَمٍ- رَحمَةُ اللَّهِ عَلَيهِ- قَبلَ قُدومِ الحُسَينِ بنِ عَلِيٍّ عليه السلام العِراقَ بِعَشَرَةِ أيّامٍ، فَلَمّا كانَ يَومُ الثّالِثِ مِن صلبِهِ، طُعِنَ ميثَمٌ بِالحَربَةِ، فَكَبَّرَ ثُمَّ انبَعَثَ في آخِرِ النَّهارِ فَمُهُ وأنفُهُ دَماً.
3/ 40 هاشِمُ بنُ عُتبَةَ
هاشِمُ بنُ عُتبَةَ بنِ أبي وَقّاصٍ المِرقالُ، يُكَنّى أبا عَمرٍو، وهُوَ ابنُ