العُصَيَّةِ، وإنَّما تَلِدُ الحَيَّةُ حَيَّةً، وجَزاءُ السَّيِّئَةِ سَيِّئَةٌ مِثلُها.
فَقالَ لَهُ ابنُ هاشِمٍ: ما أنَا بِأَوَّلِ رَجُلٍ خَذَلَهُ قَومُهُ، وأدرَكَهُ يَومُهُ.
فَقالَ مُعاوِيَةُ: تِلكَ ضَغائِنُ صِفّينَ وما جَنى عَلَيكَ أبوكَ، فَقالَ عَمرٌو:
أمكِنّي مِنهُ فَأَشخَبَ أوداجَهُ عَلى أثباجِهِ.[1] فَقالَ لَهُ ابنُ هاشِمٍ: فَهَلّا كانَت هذِهِ الشَّجاعَةُ مِنكَ- يَابنَ العاصِ- أيّامَ صِفّينَ حينَ نَدعوكُ إلَى النِّزالِ، وقَدِ ابتَلَّت أقدامُ الرِّجالِ مِن نَقيعِ الجِريالِ[2]، وقَدتَضايَقَت بِكَ المَسالِكُ، وأشرَفتَ فيها عَلَى المَهالِكِ؟! وَايمُ اللَّهِ لَولا مَكانُكَ مِنهُ لَنَشَبَت لَكَ مِنّي خافِيَةٌ أرميكَ مِن خِلالِها أحَدَّ مِن وَقعِ الأَشافي[3]، فَإِنَّكَ لا تَزالُ تُكثِرُ في هَوَسِكَ، وتَخبِطُ في دَهشِكَ، وتَنشَبُ في مَرسِكَ، تَخَبُّطَ العَشواءِ فِي اللَّيلَةِ الحَندَسِ الظَّلماءِ.
قالَ: فَأَعجَبَ مُعاوِيَةَ ما سَمِعَ مِن كَلامِ ابنِ هاشِمٍ، فَأَمرَ بِهِ إلَى السِّجنِ وكَفَّ عَن قَتلِهِ.[4]
3/ 25 عَدِيُّ بنُ حاتِمٍ
عَدِيُّ بنُ حاتِمِ بنِ عَبدِ اللَّهِ الطّائِيُّ يُكَنّى أبا طَريفٍ، ابنُ سَخِيِّ العَرَبِ المَشهورِ حاتِمٍ الطّائِيِّ، وأحَدُ الصَّحابَةِ.
[1]. الثَّبَج: الوَسَط، وما بين الكاهل إلى الظهر، أو ما بين الكتفين والكاهل( النهاية: ج 1 ص 206).
[2]. الجِريال: الحُمْرَة، أو ما خلص من لونٍ أحمر وغيره( لسان العرب: ج 11 ص 108 و 109).
[3]. الأشفى: المِثقَب، المِخصَفُ للنعال( لسان العرب: ج 14 ص 438).
[4]. وقعة صفّين: ص 348.