عِندَكُم شَيءٌ أخبَرَني بِهِ أميرُ المُؤمِنينَ عليه السلام. قالَ زِيادٌ: اقطَعوا لِسانَهُ. فَقالَ رُشَيدٌ: الآنَ وَاللَّهِ جاءَ تَصديقُ خَبَرِ أميرِ المُؤمِنينَ عليه السلام.[1]
3/ 16 زَيدُ بنُ صُوحانَ
زَيدُ بنُ صوحانَ بنِ حُجرٍ العَبدِيُّ أخو صَعصَعَةَ وسَيحانَ. كانَ خَطيباً مِصقَعاً وشُجاعاً ثابِتَ الخُطى، وكانَ مِنَالعُظَماءِ، وَالزُّهّادِ، وَالأَبدالِ، ومِن أصحابِ أميرِ المُؤمِنينَ عليه السلام الأَوفياءِ.
أسلَمَ في عَهدِ النَّبِيِّ صلى الله عليه و آله فَعُدَّ مِنَ الصَّحابَةِ. ولَهُ وَفادَةٌ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه و آله.
كانَ رَسولُ اللَّهِ صلى الله عليه و آله يَذكُرُهُ بِخَيرٍ، ويَقولُ:
«مَن سَرَّهُ أن يَنظُرَ إلى رَجُلٍ يَسبِقُهُ بِعضُ أعضائِهِ إلَى الجَنَّةِ فَليَنظُر إلى زَيدِ بنِ صوحانَ».
وتَحَقَّقَ هذَا الكَلامُ النَّبَوِيُّ الَّذي كانَ فَضيلَةً عَظيمَةً لِزَيدٍ في حَربِ جَلولاءَ.
وكانَ لِزَيدٍ لِسانٌ ناطِقٌ بِالحَقِّ مُبَيِّنٌ لِلحَقائِقِ، فَلَم يُطِق عُثمانُ وُجودَهُ بِالكوفَةِ فَنَفاهُ إلَى الشّامِ. وعِندَما بَلوَرَ الثُّوّارُ تَحَرُّكَهُمُ المُناهِضَ لِعُثمانَ، التَحَقَ بِهِم أهلُ الكوفَةِ في أربَعِ مَجاميعَ؛ كانَ زَيدٌ عَلى رَأسِ أحَدِها.
وَاشتَرَكَ في حَربِ الجَمَلِ، وأخبَرَ بِشَهادِتِهِ. كَتَبَت إلَيهِ عائِشَةُ تَدعوهُ إلى نُصرَتِها، فَلَمّا قَرَأَ كِتابَها نَطَقَ بِكَلامٍ رائِعٍ نابِهٍ، فَقالَ: «امِرَت بِأَمرٍ وامِرنا بِغَيرِهِ، فَرَكِبَت ما امِرنا بِهِ، وأمَرَتنا أن نَركَبَ ما امِرَت هِيَ بِهِ! امِرَت أن تَقَرَّ في بَيتِها، وامِرنا أن نُقاتِلَ حَتّى لا تَكونَ فِتنَةٌ، وَالسَّلام».
[1]. الإرشاد: ج 1 ص 325.