«أبشِر فَهذِهِ مَكَّةُ»، قالَ: فَسَمِعتُ الصَّيحَةَ، ورَأَيتُ المَحَجَّةَ.
فَقُلتُ: بِالَّذي تَرجوهُ يَومَ الآزِفَةِ ويَومَ الفاقَةِ، مَن أنتَ؟
فَقالَ لي: «أمّا إذا أقسَمتَ عَلَيَّ فَأَ نَا عَلِيُّ بنُ الحُسَينِ بنِ عَلِيِّ ابنِ أبي طالِبٍ صَلَواتُ اللَّهِ عَلَيهِم».[1]
2/ 5 موسى الكاظم
557. إحقاق الحقّ عن شَقيقٍ البَلخيّ: خَرَجتُ حاجّاً في سَنَةِ تِسعٍ وأربَعينَ ومِئَةٍ فَنَزَلتُ القادِسِيَّةَ، فَبَينَما أنَا أنظُرُ إلَى النّاسِ وزينَتِهِم وكَثرَتِهِم نَظَرتُ فَتىً حَسَنَ الوَجهِ فَوقَ ثِيابِهِ ثَوبُ صوفٍ مُشتَمِلًا بِشَملَةٍ و في رِجلَيهِ نَعلانِ، و قَد جَلَسَ مُنفَرِداً، فَقُلتُ في نَفسي:
هذَا الفَتى مِنَ الصّوفِيَّةِ يُريدُ أن يَكونَ كَلًاّ عَلَى النّاسِ في طَريقِهِم وَاللَّهِ لَأَمضِيَنَّ إلَيهِ ولَاوَبِّخَنَّهُ، فَدَنَوتُ مِنهُ فَلَمّا رَآني مُقبِلًا قالَ:
ياشَقيقُ، «اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ».[2]
وتَرَكَني ومَضى فَقُلتُ في نَفسي: إنَّ هذَا الأَمرَ عَظيمٌ قَد تَكَلَّمَ عَلى ما في نَفسي ونَطَقَ بِاسمي، ماهذا إلّاعَبدٌ صالِحٌ لَأَلحَقَنَّهُ ولَأَسئَلَنَّهُ أن يُحَلِّلَني، فَأَسرَعتُ في أثَرِهِ فَلَمألحَقهُ وغابَ عَن عَيني، فَلَمّا نَزَلنا واقِصَةَ إذا بِهِ يُصَلّي وأعضاؤُهُ تَضطَرِبُ ودُموعُهُ تَجري، فَقُلتُ: هذا صاحِبي أمضي إلَيهِ وأستَحِلُّهُ فَصَبَرتُ حَتّى جَلَسَ وأقبَلتُ نَحوَهُ، فَلَمّا رَآني مُقبِلًا.
[1]. فتح الأبواب: ص 246.
[2]. الحجرات: 12.