أقول: أيجعله ذا نطق،
ولعلّ المراد به أكمل العقول البشريّة، وهو النفس المحمّديّة. ويناسبه صلى الله
عليه و آله الإقبال إلى الدنيا والإهباط إلى الأرض رحمة للعالمين فأقبل فكان نوره
مع كلّ نبيّ باطناً، ومع شخصه المبعوث ظاهراً كما يشعر به ما روي عنه صلى الله
عليه و آله:
«نحن الآخرون السابقون»[1] يعني
الآخرون بالخروج والظهور كالثمرة، والأوّلون بالخلق والوجود كالبذر، فهو بذر شجرة
العالم، أو الأوّلون بتصديق العهد والميثاق في نشأة «أَ لَسْتُ
بِرَبِّكُمْ»[2] كما وقع في
الأخبار الآتية، ثمّ قال له: أدبر، أيارجع إلى ربّك، فأدبر عن الدنيا ورجع إلى
ربّه ليلة المعراج وعند المفارقة عن دار الدنيا ثمّ قال:
«وعزّتي وجلالي ما خلقت
خلقاً هو أحبّ إليّ منك».
ومن الظاهر انطباقه عليه
صلى الله عليه و آله لأنّه حبيب اللَّه.
ومن المتكلّمين مَن
توهّم أنّ محبّته تعالى لغيره يوجب نقصاً في ذاته تعالى كالزمخشري[3] وأترابه؛
ذهولًا عنهم أنّ محبّته تعالى لخلقه راجعة إلى محبّته ذاته، وذلكتقرّر في حكمة ما
بعد الطبيعة أنّ ذاته تعالى أحبّ الأشياء إليه وهو أشدّ مبتهج
[1]. بصائر الدرجات، ص 62، ضمن ح 10؛ الأمالي للمفيد،
ص 3، المجلس 1، ح 3؛ المناقب لابنشهرآشوب، ج 3، ص 269.