أقول: أيلا يعرَّف-
تعالى مجده- من الحدود؛ لتقدّسه عن الأجزاء مطلقاً خارجيّةً كانت أو عقليّةً.
وتحديد الشيء إنّما يكون بأجزاء كذلك. وقوله: «ولا يبعَّض» أي بأبعاض مقداريّة
إشارةً إلى الأجزاء المقداريّة.
قال عليه السلام: كان
أوّلًا. [ص 89 ح 3]
أقول: تخصيص الكيف
بالأوّل، والأينِ بالآخرِ، أيبعد فناء ما عداه؛ لأنّ معارضة الوهم للعقل أكثرها
قبل وجود المكان والمكانيّات في الكيف، وبعد وجودهما في الأين أيضاً، فلمّا نفى
الكيف عنه تعالى أوّلًا، فعلم منه بعينه عنه آخراً، اكتفى في الآخر بنفي الأين
عنه.
فإن قلت: إنّه بظاهره
تعالى ينافي ما في نهج البلاغة من قوله عليه السلام: «الذي لا يسبق له حال حالًا
فيكون أوّلًا قبل أن يكون آخراً»[1].
قلت: المنفيّ هاهنا
الأوّليّة والآخريّة الزمانيّتان، وكذا المنفيّ عند السبق الزماني لحال بالقياس
إلى حال، وذلك بخلاف ما عليه أمر الأوّليّة السرمديّة والآخريّة كذلك، فتدبّر.
قال عليه السلام: لا
تغشاه. [ص 89 ح 3]
أقول: أيلا يحيطه[2] العقول.
والتعبير عنها بالأوهام إشعار بأنّ العقول نظراً إليه تعالى تستحّق أنّ تسمّى
بالأوهام، ومع عدم إحاطة العقول به ليس محلّاً لنزول الشبهات؛ لقيام البرهان
الساطع على وجوده تعالى.