[١]
قال ابن الأثير : « في حديث ابن عبّاس أنّه كره العينة ، هو أن يبيع من رجل سلعة
بثمن معلوم إلى أجل مسمّى ، ثمّ يشتريها منه بأقلّ من الثمن الذي باعها به ، فإن
اشترى بحضرة طالب العينة سلعة من آخر بثمن معلوم وقبضها ، ثمّ باعها من طالب
العينة بثمن أكثر ممّا اشتراها إلى أجل مسمّى ، ثمّ باعها من طالب العينة بثمن
أكثر ممّا اشتراها إلى أجل مسمّى ، ثمّ باعها المشتري من البائع الأوّل بالنقد
بأقلّ من الثمن ، فهذه أيضاً عينة ، وهي أهون من الاولى. وسمّيت عينة ؛ لحصول
النقد لصاحب العينة ؛ لأنّ العين هو المال الحاضر من النقد ، والمشتري إنّما
يشتريها بعين حاضرة تصل إليه معجّلة ». راجع : النهاية ، ج ٣ ، ص ٣٣٣ ( عين ).
وقال
المحقّق الشعراني في هامش الوافي : « قوله : وهي أهون من الاولى ؛
لأنّها أبعد في الصورة من الربا ؛ فإنّ الاشتراء الأوّل عمل زائد على القرض بخلاف
الاولى ؛ لأنّهما لم يفعلا عملاً غير إقباض دراهم والتزام بأداء أكثر منها ، وأمّا
نقل السلعة من المقرض إلى المستقرض ، ثمّ إرجاعها من المستقرض إلى المقرض ، ففي
معنى عدم النقل.
قوله : وسُمّيت
عينة ، قال المحقّق ابن إدريس في أوائل كتاب المكاسب : هي بالعين غير المعجمة
المكسورة والياء المسكّنة والنون المخفّفة والهاء المنقلبة عن تاء ، ومعناها في
الشريعة هو أن يشتري سلعة بثمن مؤجّل ، ثمّ يبيعها بدون ذلك نقداً ليقضي ديناً
عليه لمن قد حلّ له عليه ويكون الدين الثاني ، وهو العينة من صاحب الدين الأوّل ؛
ليقضيه بها الدين الأوّل.
روى أبو
بكر الحضرمي قال : قلت لأبي عبد الله عليهالسلام :
رجل تعيّن ، ثمّ حلّ دينه فلم يجد ما يقضي ، أيتعيّن من صاحبه الذي عيّنه ويقضيه؟
قال : نعم ، مأخوذ ذلك من العين وهو النقد الحاضر.
قال
الشاعر :
أندّان
أم نعتان أم ينبري لنا
فتى
مثل السيف هزّت مضاربه
معنى
ندّان : نستدين ، مأخوذ من ادّان الرجل بتشديد الدال ، بمعنى استدان ، وهو أن يأخذ
الدين ، أو يشتري سلعة بدين ، ومنه حديث عمر في اسَيْقِع جهينة فادّان معرضاً ، ومعنى
« معرضاً » من عرض الناس كلّ من وجده استدان منه ، ومعنى « نعتان » نشتري عينه ، وهي
أن يشتري سلعة بثمن مؤجّل ، ثمّ يبيعها بدون ذلك نقداً ، مأخوذ ذلك من العين ، وهو
النقد الحاضر ، على ما قدّمناه وحرّرناه وشرحناه. انتهى كلام ابن إدريس ، والحديث
الذي استشهد به يدلّ على تعميم العينة للاستدانة الأصليّة ولتجديدها بعد حلول
الأجل ، فكلاهما عينة ، ولكنّه فسَّر في الأوّل كلامه بالتجديد بعد حلول الأجل ، وكأنّه
لم يعتبر هذه الخصوصيّة ». وراجع : السرائر ، ج ٢ ، ص ٢٠٥.