ويشير في الختام إِلى أنّ القصد من قوله تعالى:" وَ فِي أَنْفُسِكُمْ أَ فَلا تُبْصِرُونَ"[2] هو هذا المعنى نفسه.
لكنّنا نأسف شديد الأَسف على أنّ المعنى الواضح الذي أَكدّه القرآن الكريم والأَحاديث في تبيين حديث معرفة النفس قد غُفِلَ عنه تماما ولم يذكر في عداد الشروح الملحوظة حتّى بوصفه معنىً كسائر المعاني التي فُرض بعضها على الحديث الشريف ولو أنّ علماء المسلمين أَخذوا برسالة القرآن في معرفة النفس لفاقوا جميع علماء العالم في العلوم المرتبطة بعلم معرفة الإنسان.
الخامس: مراتب معرفة النفس
لا شكّ في أنّ لمعرفة النفس مراتب كمعرفة اللّه، لذا نقرأ في الحديث النبويّ قوله صلى اللّه عليه و آله:
إِنّ أوطأ المراتب في معرفة النفس ميسّرة لعامّة الناس، بيد أنّه كلّما زادت معلومات الإنسان بنفسه، زادت معرفته باللّه سبحانه، إِلى أن يظفر بالمعرفة الشهوديّة للنّفس، وهناك يفوز بالمعرفة الشهوديّة للحقّ تعالى، ويشهد وحدانيّته إِلى جانب الملائكة وأُولي العلم:
" شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ وَ الْمَلائِكَةُ وَ أُولُوا الْعِلْمِ".[4] ولا يتيسّر بلوغ هذه المرتبة من المعرفة إِلّا عن طريق المجاهدة.