«بسم اللَّه الرَّحمن الرَّحيم
مِن عَبدِ اللَّهِ عَليِّ بنِ أبي طالِبٍ، أميرِالمُؤمِنينَ، إلى مَن بَلَغَهُ كِتابِي هذا مِن المُسلِمينَ، سَلامٌ عليْكُم أمَّا بَعدُ.
فَإنِّي أحْمَدُ اللَّهَ الَّذِي لا إلهَ إلَّاهُوَ، وَأسْألُهُ أنْ يُصَلِّيَ علَى مُحمَّدٍ وَآلِ مُحَمّدٍ.
وَبَعدُ، فإنَّ اللَّهَ تَعالى اختارَ الإسلامَ دِيناً لنَفسِهِ وَمَلائِكتِه ورُسُلِهِ، إحْكاماً [1] لِصُنْعِهِ وَحُسْنِ تَدبيرِهِ، وَنَظَراً مِنهُ لِعبادِهِ، واختصَّ بِهِ مَن أحبَّ مِن خَلْقهِ، فبَعَثَ إليْهِم مُحمَّداً 6 فَعلَّمَهُمُ الكِتابَ والحِكْمَةَ، إكْراماً وَتَفضُّلًا لِهَذهِ الأمَّةِ، وَأدَّبَهُم لِكَي يَهْتَدوا، وجَمَعَهُم لِئَلَّا يَتَفرَّقُوا، وَوَقَفهُم لِئَلَّا يَجُوروا، فلمَّا قَضَى ما كانَ عَلَيْهِ مِن ذَلِكَ، مَضَى إلى رَحْمةِ اللَّهِ حَمْيداً مَحمُوداً.
ثُمَّ إنَّ بَعضَ المُسلِمينَ أقاموا بَعدَهُ رَجُلَيْنِ رَضُوا بِهُداهُما وَسِيرَتِهِما، قاما ما شاءَ اللَّهُ، ثُمَّ تَوفَّاهُما اللَّهُ جل جلاله، ثُمَّ وَلَّوْا بَعدَهُما الثَّالِثَ فأحْدَثَ أحْداثاً، ووَجَدَتِ الأمَّةُ عليْه فِعالًا، فاتَّفَقُوا عَلَيْهِ، ثُمَّ نَقَمُوا مِنُه فغَيَّرُوا، ثُمَّ جاؤونِي كتَتابُع الخَيلِ فَبايَعونِي، فأنا أسْتَهْدِي اللَّهَ بِهُداهُ، وأسْتَعِينُهُ علَى التَّقوى.
ألا وإنَّ لَكم علَيْنا العَمَلَ بكتابِ اللَّهِ وَسُنَّةِ نَبِيِّهِ 6، والقِيامَ عَلَيْكُم بِحَقِّهِ، وإحْياءَ سُنَّتِهِ، والنُّصحَ لَكُم بالمَغِيبِ والمَشْهَدِ، وباللَّهِ نَسْتَعِينُ علَى ذَلِكَ، وَهُو حَسْبُنا وَنِعْمَ الوَكيلُ.
وقَد تَوليتُ [2] أمورَكُم حُذَيْفَةَ بنَ اليَمان، وَهُو مِمَّن أرتَضِي بِهُداهُ، وأرجوصَلاحَهُ، وقَد أمَرتُهُ بالإحسانِ إلى مُحْسِنِكِم، وَالشِّدَّةِ على مُرِيبِكُم، والرِّفْقِ بِجَميلِكُم، أسألُ اللَّهَ لَنا ولَكُم حُسْنَ الخِيَرةِ والإحسانَ، ورحْمَتَه الواسِعَةَ في الدُّنيا
[1]. في المصدر: «حكاماً»، و ما أثبتناه هو الصحيح.
[2]. كذا في إرشاد القلوب، و في البحار: «ولّيتُ» و هو الصحيح.