الحمد للَّه ربّ العالمين، و الصلاة و السلام على عبدِهِ المصطفى محمدٍ و آله الطاهرين، و أصحابِهِ الخيارِ الميامينَ.
المعصومون قُدوات لا تجِدُ عنهم البشرية بدلًا، و هي إن رامت بلوغ ذُرى الكمال الشامخ، فلا غنىً لها عن الاقتداء بهم و التأسّي بسيرتهم. فأقوالهم و أفعالهم تنمّ بكلِّ معنى الكلمة عن أمرٍ نبيلٍ و سامٍ، و أفكار رفيعة في مسار الحياة المثالية و المنشودة.
و الّذي بين أيدينا من هذا التُراث في الوقت الحاضر، عبارة عن أحاديث تمثّل سنّة المعصوم. و مع أنّ الحديث- حسبما يفيد معناه اللُّغوي على الأقل- يتجسّد في كثير من الحالات بصورة نقل أقوال و كلمات المعصوم، بيد أنّ ما كتبه المعصومون يمثّل هو الآخر أحاديث يُنظر إليها باعتبارها شيئاً مكتوباً لأقوالهم، أو تُعدُّ نوعاً آخر من أفعالهم، و لكنّها على كلّ حال تعبّر عن سنّة المعصوم، و يمكن إخضاع هذا النوع من الأحاديث الّتي وصلتنا على شكل مكاتيب، للبحث و الدراسة من أوجه شتّى، إذ يمكن من جهة تعرّف طبيعة الأجواء السياسية و الاجتماعية و الثقافية لعصر المعصوم من خلال دراسة هذه المكاتيب، و يتسنّى من جهة أُخرى معرفة اسلوب الحُكم و طرق نشر الثقافة، من بين ثنايا بعض هذه المكاتيب. و من جهة ثالثة يُتاح لنا أن نستشف من تلك المكاتيب العامّة للمعصومين لمحاتٍ نيرة خالدة وجّهوها إلى شيعتهم في مواقفَ شتّى.
و من الطبيعي أن يؤدّي الاطّلاع على الوثائق المكتوبة الّتي خلّفها لنا المعصومون،