ترى، و أيم اللَّه لتصعدنّ المنبر فلتلعنَنَّهُ طوعاً أو كرهاً، فقال له الأحنف:
يا أمير المؤمنين! إن تُعفِني فهو خير لك، و إن تجبرني على ذلك فو اللَّه لا تجري به شفتاي أبداً، قال: قم فاصعد المنبر.
قال الأحنف: أما و اللَّه مع ذلك لأنصفنّك في القول و الفعل.
قال: و ما أنت قائل يا أحنف إن أنصفتني؟
قال: أصعد المنبر، فأحمد اللَّه بما هو أهله، و أُصلّي على نبيّه 6، ثمّ أقول:
أيُّها الناس، إنّ أمير المؤمنين معاوية أمرني أن ألعن عليّاً، و إنّ عليّاً و معاوية اختلفا فاقتتلا، و ادّعى كلّ واحد منهما أنّه بُغي عليه و على فئته؛ فإذا دعوت فأمِّنوا رحمكم اللَّه. ثمّ أقول:
اللَّهمَّ العن أنت و ملائِكَتُكَ و أنبياؤك و جميع خلقك الباغي منهما على صاحبه، و العن الفئة الباغية، اللَّهمَّ العنهم لعناً كثيراً. أمِّنوا رحمكم اللَّه!
يا معاوية! لا أزيد على هذا و لا أُنقص منه حرفاً، و لو كان فيه ذهاب نفسي.
و في عيون الأخبار عن السَّكن: كتب الحسين بن عليّ (رضي الله عنهما) إلى الأحنف يدعوه إلى نفسه فلم يردّ الجواب، و قال: قد جرّبنا آل أبي الحسن، فلم نجد عندهم إيالة للملك [2]، و لا جمعاً للمال، و لا مكيدة في الحرب [3]
[1]. العقد الفريد: ج 3 ص 87، وفيات الأعيان: ج 2 ص 504، نهاية الأرب: ج 7 ص 237.
[2] الإيَالة: السياسة. يقال: فلان حَسن الإيالة و سَيّئ الإيالة (النهاية: ج 1 ص 85).