الْمَقْتُولِ حَقَّهُمْ.
وإِيَّاك والإعْجَابَ بِنَفْسِك، والثِّقَةَ بِمَا يُعْجِبُك مِنْهَا وحُبَّ الإطْرَاءِ، فَإِنَّ ذَلِك مِن أَوْثَقِ فُرَصِ الشَّيْطَانِ فِي نَفْسِهِ، لِيَمْحَقَ مَا يَكُونُ مِن إِحْسَانِ الْمُحْسِنِينَ.
وإِيَّاك والْمَنَّ عَلَى رَعِيَّتِك بِإِحْسَانِك، أو التَّزَيُّدَ فِيمَا كَانَ مِن فِعْلِك، أو أَنْ تَعِدَهُمْ فَتُتْبِعَ مَوْعِدَك بِخُلْفِك، فَإِنَّ الْمَنَّ يُبْطِلُ الإحْسَانَ، والتَّزَيُّدَ يَذْهَبُ بِنُورِ الْحَقِّ، والْخُلْفَ يُوجِبُ الْمَقْتَ عِنْدَ اللَّه والنَّاسِ، قال اللَّه تَعَالَى: «كَبُرَ مَقْتًا عِندَ اللَّهِ أَن تَقُولُوا مَا لَاتَفْعَلُونَ» [1].
وإِيَّاك والْعَجَلَةَ بِالامُورِ قَبْلَ أَوَانِهَا، أو التَّسَقُّطَ فِيهَا عِنْدَ إِمْكَانِهَا، أو اللَّجَاجَةَ فِيهَا إِذَا تَنَكَّرَتْ، أو الْوَهْنَ عَنْهَا إِذَا اسْتَوْضَحَتْ، فَضَعْ كُلَّ أَمْرٍ مَوْضِعَهُ، وأَوْقِعْ كُلَّ أَمْرٍ مَوْقِعَهُ.
وإِيَّاك والاسْتِئْثَارَ بِمَا النَّاسُ فِيهِ أُسْوَةٌ، والتَّغَابِيَ عَمَّا تُعْنَى به مِمَّا قَدْ وَضَحَ لِلْعُيُونِ، فإِنَّهُ مَأْخُوذٌ مِنْك لِغَيْرِك، وعَمَّا قَلِيلٍ تَنْكَشِفُ عَنْك أَغْطِيَةُ الأمُورِ ويُنْتَصَفُ مِنْك لِلْمَظْلُومِ.
أمْلِك حَمِيَّةَ أَنْفِك، وسَوْرَةَ حَدِّك، وسَطْوَةَ يَدِك، وغَرْبَ لِسَانِك، واحْتَرِسْ مِن كُلِّ ذَلِك بِكَفِّ الْبَادِرَةِ، وتَأْخِيرِ السَّطْوَةِ، حَتَّى يَسْكُنَ غَضَبُك، فَتَمْلِك الاخْتِيَارَ، ولَنْ تَحْكُمَ ذَلِك مِن نَفْسِك، حَتَّى تُكْثِرَ هُمُومَك بِذِكْرِ الْمَعَادِ إلى رَبِّك.
والْوَاجِبُ عَلَيْك أَنْ تَتَذَكَّرَ ما مَضَى لِمَنْ تَقَدَّمَك مِن حُكُومَةٍ عَادِلَةٍ، أو سُنَّةٍ فَاضِلَةٍ أو أَثَرٍ عَنْ نَبِيِّنَا 6، أو فَرِيضَةٍ فِي كِتَابِ اللَّه فَتَقْتَدِيَ بِمَا شَاهَدْتَ مِمَّا عَمِلْنَا به فِيهَا، وتَجْتَهِدَ لِنَفْسِك فِي اتِّبَاعِ ما عَهِدْتُ إِلَيْك فِي عَهْدِي هَذَا، واسْتَوْثَقْتُ به مِنَ
[1] الصف: 3.