قال نَصْر: فحدَّثني فضيل بن خَدِيْج، عن رَجُلٍ مِنَ النَّخَع، قال: رأيت إبراهيمَ بن الأشْتَر دخل على مُصْعَب بن الزُبَيْر فسأله عن الحال كيف كانت، فقال: كنت عند عليّ حين بعث إلى الأشْتَر أن يأتيه، و قد كان الأشْتَر أشرف على معسكر معاوية ليدخله، فأرسل إليه عليٌّ يزيد بن هانئ:
«أن ائتِني»
. فأتاه فبلَّغه.
فقال: الأشْتَر ائته! فقل له: ليس هذه بالساعة الَّتي ينبغي لك أن تزيلني فيها عن موقفي، إنِّي قد رجوت اللَّه أن يفتح لي فلا تعْجِلْنِي.
فرجع يزيد بن هانئ إلى عليّ فأخبره، فما هو إلَّا أن انتهى إلينا حَتَّى ارتفع الرَهَج، و علَتِ الأصواتُ مِن قِبَلِ الأشْتَر، و ظهرت دلائل الفتح و النَّصر لأهل العِراق، و دلائل الخِذلان و الإدبار على أهل الشَّام. فقال له القوم: و اللَّه، ما نراك إلَّا أمرتَه بقتال القوم، قال:
. قالوا: فابعث إليه فَليأْتِكَ، و إلَّا فو اللَّه اعتزلْناك.
قال:
«ويحك يا يزيد، قل له أقبِلْ إليَّ، فإنَّ الفتنة قد وقعَتْ»
. فأتاه فأخبره، فقال له الأشْتَر: أ لِرفع هذه المصاحف؟ قال: نعم، قال: أما و اللَّه، لقد ظننت أنَّها حين رُفعت ستُوقع اختلافاً و فرقة، إنَّها من مشورة ابن النَّابغة- يعني عَمْرو بن العاص- قال: ثُمَّ قال ليزيد: ويحك أ لا ترى إلى ما يَلقَون، أ لا ترى إلى الَّذي يَصنعُ اللَّه لنا، أ يبتغي أن ندع هذا و ننصرف عنه؟!
فقال له يزيد: أ تحبُّ أنَّك ظفرت هاهنا و أنَّ أمير المؤمنين بمكانه الَّذي هو به يُفرَج عنه، و يُسلَّم إلى عدوِّه؟!