فقال معاوية: ألقاك بالفيصل أوّل مجلس إن شاء اللَّه.
فلمَّا بايع معاوية أهل الشَّام و ذاقهم، قال: يا جَرِيرُ الحَقْ بصاحبك، و كتب إليه بالحرب ...
قال نَصْر بن مزاحم: حدَّثنا صالح بن صَدَقَة بإسناده فقال: قال: لمّا رجع جَرِير إلى عليّ 7 كثر قول النَّاس في التُّهمة لجَرِير في أمر معاوية، فاجتمع جَرِير و الأشْتَر عند عليّ 7 فقال الأشْتَر: أما و اللَّه يا أمير المؤمنين أن لو كنت أرسلتني إلى معاوية لكنت خيراً لك من هذا الَّذي أرخى خناقه، و أقام عنده حَتَّى لم يدع باباً يرجو فتحه (روحه) إلَّا فتحه، و لا باباً يخاف أمره إلَّا سدّه. فقال جَرِير: لو كنت و اللَّه أتيتهم لقتلوكَ و خوَّفهُ بعمرو وذي الكلاع و حوشب (ذي ظليم)، و قال: إنَّهم يزعمون أنّك من قتلة عثمان.
فقال الأشْتَر: و اللَّه لو أتيتهم يا جَرِير لم يُعِيني جوابها، و لم يثقل عليَّ محملها، و لحملت معاوية على خطّة أُعجله فيها عن الفكر. قال: فائتهم إذاً، فقال: الآن و قد أفسدتهم و وقع بينهم الشَّرّ.
و روى نَصْر عن نُمَيْر بن وعلة، عن الشَّعْبيّ قال: اجتمع جَرِير و الأشْتَر عند عليّ فقال 7 الأشْتَر: أ ليس قد نهيتك يا أمير المؤمنين أن تبعث جَرِيراً و أخبرتك بعداوته و غِشِّهِ؛ و أقبل الأشْتَر يشتمه و يقول: يا أخا بُجَيلة، إنَّ عثمان اشترى منك دينك بهمدان، و اللَّه ما أنت بأهل أن تترك تمشي فوق الأرض، إنَّما أتيتهم لتتَّخذ عندهم يداً بمسيرك إليهم، ثُمَّ رجعت إلينا من عندهم تهدّدنا بهم و أنت و اللَّه منهم، و لا أرى سعيك إلَّا لهم، لئن أطاعني فيك أمير المؤمنين ليحبسنَّك و أشباهك في حبس لا تخرجون منه حَتَّى تستتم (تستبين) هذه الأمور، و يُهلِكَ اللَّهُ الظَّالمين.