و قد ارتَأينا أن ننقل هاهنا شاهدين تأريخيّين كنموذجين لِما ذكَرنا، دون أن نبذل كثير تتبّع في هذا المجال.
النموذج الأوَّل:
في توجيهِ رسول اللَّه 6 سَريَّة عليّ بن أبي طالب إلى اليَمن في رمضان:
عن البَراء بن عازب: بعثَ رسولُ اللَّه 6 خالدَ بن الوليد إلى أهل اليمن يدعوهم إلى الإسلام، فكنت فيمَن سار معه، فأقام عليه ستَّةَ أشْهُر لا يجيبونه إلى شيء، فبعث النَّبي 6 عليّ بن أبي طالب، و أمَرَه أنْ يُقْفِلَ خالداً و مَن معه، فإنْ أرادَ أحدٌ ممَّن كان مع خالد بن الوليد أنْ يُعقِّبَ معه تركه.
قال البراء: فَكُنتُ فِيمَن عَقَّبَ مَعَهُ، فلمَّا انتهينا إلى أوائل اليمن، بَلَغَ القَومَ الخبرُ، فَجَمَعُوا لَهُ، فصلَّى بنا عليٌّ الفجر، فلمَّا فرَغ صَفَّنا صفّا واحداً، ثُمَّ تقدَّم بين أيدينا، فَحَمِدَ اللَّهَ و أثنى عليه، ثمَّ قرأ عليهم كتاب رسول اللَّه 6، فأسلمَتْ هَمْدانُ كلُّها في يَوم وَاحِدٍ، وَ كَتَبَ بذلِكَ إلى رسول اللَّه 6، فَلمَّا قَرأ كِتابَهُ خرَّ ساجداً، ثُمَّ جلس، فقال:
انصرف عَمرو (بن مَعْدِيكَرِب) مُرتدّاً، فأغار على قومٍ من بَنِي الحارث بن كَعْب، و مَضى إلى قومه. فاستدعى رسولُ اللَّهِ 6 عليّ بن أبي طالب 7، فأمَّره
[1]. تاريخ الطبري: ج 3 ص 131 و راجع: الإرشاد: ج 1 ص 62؛ صحيح البخاري: ج 5 ص 206، دلائل النُّبوة: ج 5 ص 396، الكامل في التاريخ: ج 2 ص 300، ذخائر العقبى: ص 109.