ينظر فيه و يتعلّمه و يقضي به، فلمَّا ظهر عليه و قُتِل، أخذ عَمْرو بن العاص كتبه أجمع، فبعث بها إلى معاوية بن أبي سُفْيَان، و كان معاوية ينظر في هذا الكتاب و يعجبه، فقال الوليد بن عُقْبَة و هو عند معاوية- لمَّا رأى إعجاب معاوية به-: مُر بهذه الأحاديثِ أن تحرق، فقال له معاوية: مه يا بن أبي مُعَيط، إنَّه لا رأي لك، فقال له الوليد: إنَّه لا رأي لك، أ فمن الرَّأي أن يعلم النَّاس أنَّ أحاديث أبي تراب عندك؟! تتعلّم منها و تقضي بقضائه؟! فعلام تقاتله؟!
فقال معاوية: ويحك، أ تأمرني أن أحرق علماً مثل هذا؟! و اللَّه ما سمعت بعلم أجمع منه و لا أحكم و لا أوضح، فقال الوليد: إن كنت تعجب من علمه و قضائه، فعلام تقاتله؟
فقال معاوية: لو لا أنَّ أبا تراب قتل عثمان، ثُمَّ أفتانا لأخذنا عنه، ثُمَّ سكت هنيئة ثُمَّ نظر إلى جلسائه فقال: إنَّا لا نقول: إنَّ هذه من كتب عليّ بن أبي طالب، و لكنَّا نقول: إن هذه من كتب أبي بَكر الصِّدِّيق كانت عند ابنه محمّد، فنحن نقضي بها و نفتي.
فلم تزل تلك الكتب في خزائن بني أُمية، حَتَّى ولِّي عمر بن عبد العزيز، فهو أظهر أنَّها من أحاديث عليّ بن أبي طالب 7، فلمَّا بلغ عليّ بن أبي طالب 7 أنَّ ذلك الكتاب صار إلى معاوية اشتدّ ذلك عليه.
قال أبو إسحاق: فحدّثنا بَكر بن بكّار، عن قَيْس بن الرَّبيع، عن ميسرة بن حبيب، عن عَمْرو بن مُرَّة، عن عبد اللَّه بن سلمة؛ قال: صلّى بنا عليّ 7، فلمَّا انصرف قال:
لقد عَثَرتُ عَثْرةً لا أعتَذِرْ * * * سَوفَ أَكِيسُ بَعدَها و أستَمِرْ