فلمّا أراد عليّ 7 أن يبعث إلى معاوية رسولًا، فقال له جَرِير: ابعثني يا أمير المؤمنين إليه؛ فإنَّه لم يزل لي مسْتخِصَّا و ودَّا، آتيه فأدعوه، على أن يسلّم لك هذا الأمر، و يجامعك على الحقّ، على أن يكون أميراً من أُمرائك، و عاملًا من عمّالك، ما عمل بطاعة اللَّه، و اتبع ما في كتاب اللَّه، و أدعو أهل الشَّام إلى طاعتك و ولايتك فجلّهم قومي و أهل بلادي، و قد رجوت إلَّا يعصوني.
فقال له الأشْتَر: لا تبعثْه و لا تصدِّقه؛ فو اللَّه إنّي لأظنّ هواه هواهم، و نيّته نيّتهم.
فقال له عليّ 7:
«دَعْهُ حَتَّى نَنظُرَ ما يَرجِعُ بهِ إلينا»
. [أقول: أراد أمير المؤمنين 7 أن يرسل جَرِيراً إلى معاوية فخالفه الأشْتَر]
فبعثه عليّ 7، و قال له حين أراد أن يبعثه:
«إنَّ حولي من أصحابِ رَسُولِ اللَّهِ 6 من أهلِ الرَّأي والدِّين مَن قد رأيت، وقد اخترتك عليهم لقول رسول اللَّه فيك: إنَّك مِن خَيرِ ذي يَمَنٍ، ائت معاوية بكتابي، فإن دخل فيما دخل فيه المسلمون، وإلَّا فانبِذْ إليه وأعلمه أنّي لا أرضى بهِ أميراً، وأنَّ العامّة لا ترضى به خليفة»
الجرجاني قال: كان معاوية قد أتى جَرِيراً قبل ذلك في منزله، فقال له: يا جَرِير؛ إنّي قد رأيت رأياً، قال: هاته، قال: اكتب إلى صاحبك يجعل لي الشَّام و مصر جباية، فإذا حضرته الوفاة لم يجعل لأحد بعده في عنقي بيعة، و أُسلِّم له هذا الأمر؛ و أكتب إليه بالخلافة. فقال جَرِير: اكتُبْ ما أردتَ أكتبْ مَعَكَ.
[1]. نثر الدر: ج 1 ص 324، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد: ج 20 ص 286 الرقم 277 نحوه مختصراً.
[2]. شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد: ج 3 ص 74؛ وقعة صفّين: ص 27.