لا يزال الكافي يحتلّ
الصدارة الاولى من بين الكتب الحديثية عند الشيعة الإمامية، و هو المصدر الأساس
الذي لا تنضب مناهله و لا يملّ منه طالبه، و هو المرجع الذي لا يستغني عنه الفقيه،
و لا العالم، و لا المعلّم، و لا المتعلّم، و لا الخطيب، و لا الأديب. فقد جمع بين
دفّتيه جميع الفنون و العلوم الإلهيّة، و احتوى على الاصول و الفروع. فمنذ أحد عشر
قرناً و إلى الآن اتّكأ الفقه الشيعي الإمامي على هذا المصدر لما فيه من تراث أهل
البيت عليهم السلام، و هو أوّل كتاب جمعت فيه الأحاديث بهذه السعة و الترتيب. و
بعد ظهور الكافي اضمحلّت حاجة الشيعة إلى الاصول الأربعمائة، لوجود مادّتها
مرتّبة، مبوّبة في ذلك الكتاب. و لقد أثنى على ذلك الكتاب القيّم المنيف و السفر
الشريف كبار علماء الشيعة ثناءً كثيراً؛ قال الشيخ المفيد في حقّه: «هو أجلّ كتب
الشيعة و أكثرها فائدة» و تابعه على ذلك من تأخّر عنه.
و من عناية الشيعة
الإمامية بهذا الكتاب و اهتمامهم به أنّهم شرحوه أكثر من عشرين مرّة، و تركوا
ثلاثين حاشية عليه، و درسوا بعض اموره، و ترجموه إلى غير العربية، و وضعوا لأحاديثه
من الفهارس ما يزيد على عشرات الكتب، و بلغت مخطوطاته في المكتبات ما يبلغ على ألف
و خمسمائة نسخة خطيّة، و طبعوه ما يزيد على العشرين طبعة.
و من المؤسف أنّ الكافي
و شروحه و حواشيه لم تحقّق تحقيقاً جامعاً لائقاً به، مبتنياً على اسلوب التحقيق
الجديد، على أنّ كثيراً من شروحه و حواشيه لم تطبع إلى الآن و بقيت مخطوطات على
رفوف المكتبات العامّة و الخاصّة، بعيدة عن أيدي الباحثين و الطالبين.
هذا، و قد تصدّى قسم
إحياء التراث في مركز بحوث دار الحديث تحقيق كتاب الكافي،