أمّا بعد حمد اللَّه على
ما له من الأيادي، والصلاة على محمّد وآله سادات أهل الحضر والبوادي.
وبعد؛ فقد سألني بعض
الأخلّاء المؤدّين، والإخوان في الدِّين عن معنى هذا الحديث المرويّ في الكافي في
أوّل باب حدوث الأسماء، عن عليّ بن محمّد، عن صالح بن أبي حمّاد، عن الحسين بن
يزيد، عن الحسن بن عليّ بن أبي حمزة، عن إبراهيم بن عمر، عن أبي عبداللَّه عليه السلام،
ورواه شيخنا الصدوق- بوّأه اللَّه مقام الصدِّيقين- في كتاب التوحيد عن شيخه عليّ
بن أحمد بن محمّد بن عمران الدقّاق رحمه الله، عن محمّد بن يعقوب بالطريق المذكور
قال:
إنّ اللَّه تبارك وتعالى
خَلَقَ اسماً بالحروفِ غير مُتصوَّتٍ، وباللفظِ غير مُنْطَقٍ، وبالشخص غير
مُجَسَّدٍ، وبالتشبيه غير موصوفٍ، وباللون غير مصبوغٍ، منفيٌّ عنه الأقطارُ،
مُبَعَّدٌ عنه الحدود، محجوبٌ عنه حِسُّ كلّ متوهّمٍ، مُستَتِرٌ غير مستورٍ،
فجَعَلَه كلمةً تامّةً على أربعة أجزاءٍ معاً، ليس منها واحدٌ قبلَ الآخَر،
فأظهَرَ منها ثلاثةَ أسماءٍ؛ لفاقة الخَلْقِ إليها، وحَجَبَ منها واحداً، وهو
الاسمُ المكنونُ المخزونُ، فهذه الأسماء التي ظَهَرَتْ، فالظاهرُ هو اللَّهُ تبارك
وتعالى، وسَخَّرَ سبحانه لكلّ اسمٍ من هذه الأسماء أربعةَ أركانٍ؛ فذلك اثنا عشر
ركناً.
ثمّ خَلَقَ لكلّ ركنٍ
منها ثلاثينَ اسماً فعلًا منسوباً إليها؛ فهو الرحمان الرحيم، المَلِكُ القدّوسُ،
الخالقُ البارئُ المصوِّرُ، الحيُّ القيّوم، لا تأخذه سِنةٌ ولا نوم، العليم
الخبير، السميع البصير، الحكيم العزيز، الجبّار المتكبِّر، العليّ العظيم،