تحقيق المقام وتنقيح
المرام: أنّا امرنا بالوقوف عند الشبهات، فمع قطع [النظر] عن حمل الأمر هذا على
الوجوب أو الاستحباب علينا أن نبحث أوّلًا أنّ الشبهة ما هي، وعلى أيّ شيء تصدق،
وهل لها حقيقة شرعيّة حتّى نتبعها ونتمسّك بها دون أُختيها؟
فإذا نظرنا وتتبّعنا
[...] بل علمنا أنّ لها حقيقة شرعيّة لا تخالف اختيها، وهي ما كان يشبها لدليل
يشبّه بالحقّ وهي حقيقة عند تعارض الأدلّة وتشابه الدليل، كما يستفاد من قول
الإمام عليه السلام المطلق: «إنّما سُمّيت الشبهة شبهة لأنّها تشبه الحقّ» فهو
بمفهومه يدلّ على أنّ الشبهة ما كان في معرض الدليل يشبّه بالحقّ، بل يدلّ على أنّ
كلّ ما سكت اللَّه عنه، وكلّ ما لا نصَّ فيه لا يكون شبهة، وعليه لا يطلق ولا
يتحقّق، فضلًا عن أن يصدق أنّ كلّ مجهول وما لا نصّ فيه يشبّه بالحقّ حتّى يقال:
إنّه شبهة، ولا تساوي بينهما بل بينهما عموم مطلق.
وممّا يدلّ على أنّه عند
تعارض الأدلّة وتشابه الدليل بتحقيق قوله عليه السلام في جواب السؤال عند تعارض
الأدلّة: «حلال بيّن، وحرام بيّن، وشبهات بين ذلك».
ومعلوم أنّ هذا الكلام
صدر عنه باعتبار وجود الدليل وشبهة [...] إذ البيان فيه والقرينة تكفيه، فقوله
عليه السلام: «حلال بيِّن» يعني بحسب إحكام الدليل وعدمه المعارض وعدم الترجيح أو
تشابه الدليل وعدمه وبيّن ما قلنا، فإنّ لفظة «بيِّن» باعتبار أحكام الدليل وغيره
[...] وتعارضه.