أجَل ، إنّ التقليد لا يكسب علمًا ، ومبلغ إدراك المقلِّد هو أن يتخيَّل في نفسه أنّه عالم ، فهو عالمٌ في عالم الخيال لا في عالم الواقع ، بعبارة اُخرى : المقلِّد عالِمٌ خيالي لا عالِمٌ واقعي . فما من أتباع دينٍ ـ أيًّا كانوا ـ إلاّ ويعتبرون عقيدتهم صحيحةً منزّهةً عن كلّ خطأ ، ويُخيَّلُ إليهم أنّ عقيدتهم وحدها هي العقيدة الصائبة المطابقة للحقيقة ، ثم إنّهم يعتبرون هذا الخيال عِلمًا يقينيًا. [1] ولو أنّ أتباع كلّ دين فكّروا في عقائدهم وأزالوا الموانع التي تحجب المعرفة [2] عن بصائرهم وعقولهم واستعاضوا التقليد بالتحقيق لارتفعت كلّ الخلافات من بين المدارس العقائدية في المجتمع البشري ، ولتوصّل الجميع إلى وجهة نظرٍ مشتركة ودينٍ واحد ، فالخلاف لا يوجد إلاّ حيثما حلَّ خيالُ العلم محلّ العلم ، وحيث يوجد العلم بمفهومه الحقيقي لا مجال للخلاف .
التقليد في العقائد من وجهة نظر الإسلام
لقد تبيّنت لنا وجهة نظر العقل بالنسبة للتقليد في المسائل العقائدية ، وبقي علينا أن نستطلع وجهة نظر الإسلام في هذا الصدد أيضًا ، وهل الإسلام شأنه شأن العقل يحرّم التقليد في العقائد أو لا؟ وهنا يلزمنا أن نذكر أولاً وقبل كلّ شى ء بأنّ المسائل الإسلامية بصورة عامة
[1] راجع : ج 1 ص 65 الفصل الرابع «تصحيح العقيدة» .[2] راجع : ج 2 ص 163 القسم السابع «موانع المعرفة» .