ورأى عكس ذلك آخرون ، فأرجعوا كل أنماط
السلوك الفردي والإجتماعي إلى البيئة والمحيط ، والتربية والتنشئة. وأنكروا كل أثر
إلى الوراثة ينسب ... حتى أدعى العالم النفساني الأمريكي ( واتسون ) دعواه التي لم
يسندها بدليل حيث قال :
« أعطني إثني عشر طفلاً ، وهيىء لي
الظروف المناسبة ، أجعل ممن أريد منهم طبيباً حاذقاً ، أو أستاذاً قديراً ، أو
مهندساً بارعاً ، أو رساماً ... وحتى لو شئت لصاً أو شحاذاً ... »
وبلغ الخصام بين هاتين المدرستين في علم
النفس والتربية إلى أنك ما تكاد تفتح كتاباً يتناول موضوع التربية إلا وجدته إلى
إحدى المدرستين يميل ، وعن أحد الرأيين يدافع ، مفنداً الرأي الآخر.
ولعلك تسأل : أي الرأيين أصح؟ وأي
العاملين في سلوك الطفل أهم : الوراثة أم التربية؟!
فبدلاً من أن أجيبك على سؤالك هذا ،
أسأل بدوري أيضاً :
أيهما أهم للسيارة : المحرك ، أم الوقود؟!
* * *
تلك مسألة التربية ...
والأصح ... مشكلة التربية!!
فما هو رأي الإسلام فيها؟ وكم هي درجة
خطورة الموقف في النظام الإسلامي الشامل؟!
* * *
الجواب عن ذلك تكفل به الكتاب الذي بين
يديك ، وهو معرب عن الفارسية. ولقد حاولت في التعريب أن أفي بالمقصود أكثر من
تقيدي بالتعبير ، ووجدت من الضروري أن أضيف إلى الأصل بعض التعليقات التي لا بد
منها للكتاب في شكله العربي ، وربما جاءت التعليقة ممزوجة بالأصل حيث يبدو تكثير
الهوامش أمراً غير مستحسن.