اسم الکتاب : الطفل بين الوراثة والتربية المؤلف : الفلسفي، الشيخ محمد تقي الجزء : 1 صفحة : 54
وجاشت به العواطف
للشكوى من تفريط أخبه فقال : « أشكو إليك عاصم أبن زياد قال : وما له؟ قال : لبس
العباء وتخلى من الدنيا. قال : علي به! ».
وبعد أن أحضر عاصم بين يدي الامام وبخه
قائلاً : « يا عدي نفسه [١]
، لقد استهام بك الخبيث ، أما رحمت أهلك وولدك؟ أترى الله أحل لك الطيبات ، وهو
يكره أن تأخذها؟ أنت أهون على الله من ذلك ... ».
من خلال سرد هذه الحادثة التاريخية يتضح
مدى استقامة المنهج الاسلامي الذي نطق به الامام أمير المؤمنين (ع) ، وهو يعبر عن
نظرة النبي (ص) وحكم الله عز وجل ... لكن بقيت في نفس عاصم بن زياد مشكلة لم يجد
لها حلاً ، وهي كيفية التوفيق بين كلام الامام (ع) وعمله ، حيث قد زهد في الدنيا
وترك الملاذ ، فجاشت عواطفه وما أسرع أن قال :
« ... يا أمير المؤمنين : هذا أنت في
خشونة ملبسك ، وجشوبة مأكلك؟! قال : إني لست كأنت ... إن الله فرض على أئمة الحق
أن يقدروا أنفسهم بضعة الناس ، كي لا يتبيغ بالفقير فقره ... » [٢].
هذه هي خلاصة سريعة لعرض الآراء
المختلفة ـ قديمها وحديثها ـ حول تحقيق سعادة الانسان وقياسها بتعاليم الاسلام
العظيمة وحلوله الشافية ...
على أن من الضروري أن نعلم : أن الأسس
الأولى لسعادة الانسان إنما تخطط في رحم الأم. وإن التحقيقات العلمية الدقيقة
أثبتت : إن العالم الرحم دوراً مهماً في تقرير سعادة الانسان أو شقائه ، ولهذا
فسنحاول أن نتكلم بشيء من التفصيل عن هذا الدور في المحاضرة القادمة إن شاء الله.