اسم الکتاب : الطفل بين الوراثة والتربية المؤلف : الفلسفي، الشيخ محمد تقي الجزء : 1 صفحة : 350
أنه مادي ومنكر لله
أساساً ، لا يوفق لتطهير نفسه عن طريق التوبة وغفران الذنوب ، فهو يلاقي الجزاء
الصارم من تأنيب الضمير وكابوس الوجدان حتى آخر عمره ، إن السبب في الاختلالات
الروحية أو الجنون الذي يحصل للبعض من جراء تعذيب الضمير إنما هو فقدان عنصر
الايمان عندهم ، وعدم إحساسهم بوجود ملجأ معنوي. ولذلك فهم لا يستطيعون حل العقدة
النفسية المتفاقمة في نفوسهم عن طريق التوبة والاستغفار. ولقد شاهدنا كثيراً من
هؤلاء في عصرنا الحاضر ، كما أنهم كانوا موجودين في العصور السابقة أيضاً.
كيف يستطيع عمر بن سعد ( وهو الذي يظهر
تزلزل العقيدة في كلماته ، ويبدو وتردده في الأصول الاسلامية المسلم بها ) أن يطهر
نفسه عن طريق التوبة الحقيقية؟!.
وعلى العكس من ذلك ، فإن الذين تتألق في
نفوسهم جذوة من الايمان والاعتقاد بالله ، إذا ارتكبوا ذنوباً كبيرة فإن أدنى
التفاتة نحو الله والاستغفار منه كاف في تخليصهم من ورطة المعصية ، وإذا كان يأسهم
من رحمة الله على أثر الغفلة أو الجهل فبمجرد أن يطلعهم على ذلك مرشد ديني عظيم
نجدهم يرفعون أكف التضرع نحو الله تائبين نادمين ، والله يتقبل توبتهم ويغفر لهم
ذنوبهم.
إن في القصة الآتية أجلى شاهد على ذلك :
ـ
« كان علي بن الحسين عليهالسلام في الطواف ، فنظر في ناحية المسجد إلى
جماعة ، فقال : ما هذه الجماعة؟ قالوا : هذا محمد بن شهاب الزهري ، اختلط عقله
فليس يتكلم فأخرجه أهله لعله إذا رأى الناس أن يتكلم فلما قضى عليهالسلام طوافه خرج حتى دنا منه ، فلما رآه محمد
بن شهاب عرفه ، فقال له علي بن الحسين عليهالسلام
: ما لك؟ قال : وليت ولاية فأصبت دماً فدخلني ما ترى. فقال له علي بن الحسين :
لأنا عليك من يأسك من رحمة الله أشد خوفاً مني عليك مما أتيت. ثم قال له : أعطهم
الدية. فقال : فعلت فأبوا. قال : إجعلها صرراً ، ثم انظر مواقيت الصلاة فألقها في
دارهم » [١].