اسم الکتاب : الطفل بين الوراثة والتربية المؤلف : الفلسفي، الشيخ محمد تقي الجزء : 1 صفحة : 144
بخصائص ومميزات
تفصله عن سائر الأحياء. إن الانسان يختلف عن الأشجار والأزهار ، وعن الحشرات
والحيوانات في جهات متعددة ، ومن جملة هذه الفروق : أن الحيوانات لا تحتاج في
بلوغها الكمال المحدد لها إلى تعليم وتربية. إن الغرائز الفطرية التي أودعها الله
تعالى فيها هي التي ترشدها بانتظام وفي جميع مراحل حياتها إلى مطاليبها ، وهي تسلك
طريق تكاملها بصورة صحيحة ... لكن الانسان يحتاج إلى التعليم والتربية ، فإنه إن
لم تكن تربيته مطابقة لأساليب علمية وعملية لا يصل إلى الكمال اللائق به ، ويستحيل
أن تظهر استعداداته الفطرية ومواهبه إلى حيز الخارج.
إن القرآن يحكي لنا قصة موسى وهارون حين
توجها بأمر من الله إلى فرعون وقومه ليدعواهم إلى توحيد الله وعبادته ، ومن خلال تلك
القصة يسأل فرعون عن الخالق الذي يدعوان إليه قائلاً : « فمن ربكما يا موسى؟! »
فيجيبه موسى (ع) : « ربنا الذي : أعطى كل شيء خلقه ثم هدى!!! »
الأعضاء اللازمة للحياة :
يتبين لنا من الآية السابقة أن الله
تبارك وتعالى قد وهب لكل موجود ما يحتاجه ، وقرر له ما ينبغي له. ومن الواضح أن
درجة احتياج كل موجود إلى شيء ما تختلف ... فالحيوانات مثلاً يختلف بناؤها الطبيعي
ونوع الغذاء ، الذي تحتاجه ، وقد طورها الله على الشكل الملائم لها ، فأعطاها
الأعضاء اللازمة لحياتها ، أعطى الأسد مخالب قوية لتمزيق اللحوم ، ومنح الشاة أسناناً
حادة لقضم الأعشاب ... وهب البعض قوة الركض والجري السريع ، وأعطى للبعض الآخر
القدرة على الطيران ، خلق في البعوضة الضعيفة خرطوماً للمص ، وجهز الطيور الداجنة
بمنقار يختلف تماماً عن منقار الطيور القانصة.
إن أول دليل يقدمه موسى لفرعون على وجود
الله تعالى هو أن : ربي هو الذي نظم بناء الخلق العظيم بعلم وحكمة ، وأعطى لكل
موجود ما يستحقه ويحتاجه في بلوغ مقاصده ، ولذلك فإن آثار قدرته تعالى ظاهرة في كل
موجود. يقول الشاعر :
اسم الکتاب : الطفل بين الوراثة والتربية المؤلف : الفلسفي، الشيخ محمد تقي الجزء : 1 صفحة : 144