اسم الکتاب : الحقوق الإجتماعية في الإسلام المؤلف : مركز الرسالة الجزء : 1 صفحة : 62
المبحث الثالث
القدوة الحسنة
إنَّ اقتحام العقول والنفوس بغية
التأثير في الناس ، أصعب بكثير من اقتحام المواقع والثغور ، وذلك لأن الناس
يختلفون اختلافاً بيّناً في طريقة التفكير ، وفي مركّب المزاج وفي مستوى الثقافة ،
ونتيجة لكلِّ ذلك ، تصبح عملية التعامل معهم ، والتأثير فيهم عملية صعبة وشاقة ،
وتحتاج إلى قدرات ومتطلبات من نمط خاص ، لا تتوفر إلاّ عند الخواص من أهل الصَّبر
، والعلم بمواقع الأمر. وأهل البيت في مقدمة هذا الطراز الرّفيع من القادة ، الذين
تمكنوا من اجتذاب الناس وامتلكوا أزمّة قلوبهم ، ومفاتيح عقولهم من خلال القدوة
الحسنة والسلوك السويّ ، خصوصاً وأنّ الناس ـ عادة ـ لا تتأثر بلسان المقال ، بقدر
ما تتأثر بلسان الحال. ومن الشواهد الدالة على إلتزام الأئمة عليهمالسلام العملي بحقوق الوالدين ، وتأثر الناس
بهذا السلوك ، ان الإمام علي بن الحسين عليهالسلام
كان يأبى ان يؤاكل أمّه ، واسْتَلْفَتَ هذا الموقف أنظار أصحاب الإمام والمحيطين
به ، وسألوه باستغراب : إنك أبرّ الناس وأوصلهم للرّحم ، فكيف لا تؤاكل أمك ؟!
فقال عليهالسلام : « إني أكره أن تسبق يدي إلى
ماسبقت إليه عينها ، فاكون قد عققتها
» [١] !
[١] في رحاب أئمة أهل البيت للسيد محسن الامين ـ ٢ : ١٩٥.
اسم الکتاب : الحقوق الإجتماعية في الإسلام المؤلف : مركز الرسالة الجزء : 1 صفحة : 62