اسم الکتاب : ليلة عاشوراء في الحديث والأدب المؤلف : الشيخ عبد الله الحسن الجزء : 1 صفحة : 157
ج ـ لا إكراه علىٰ المناصرة
ومما اتّسمت به أخلاق أهل البيت عليهمالسلام في تعاملهم مع الآخرين أنهم لا يفرضون
أنفسهم عليهم بالغلبة والقوة ، بل يتركون لهم حرية اتخاذ القرار بأنفسهم.
كما نجد هذا واضحاً في سيرة أمير
المؤمنين عليهالسلام مع أصحابه ومَنْ
حوله ، فلم يقسر أحداً علىٰ موالاته ، أو علىٰ صحبته أو بيعته ، فإن
هناك من تخلّف عن بيعته ، ولم يجبر أحداً منهم علىٰ ذلك ، ولم يمنعهم
عطاءهم.
ناهيك عن موقف الزبير وطلحة تجاهه ـ وذلك
حينما أرادا الانصرافَ عنهُ ، استأذناه في الذهاب إلى العُمرة ، مع علمه عليهالسلام بما يضمراه له من سوءٍ ، فلم يمنعهما
من الانصراف بل أذن لهما ، مع علمه أيضاً أنهما سوف يؤلّبان الناس عليه.
ولما خرجا قال عليهالسلام لأصحابه : والله ما يريدان العمرة
وإنما يريدان الغدرة [١]
فتركهما وشأنهما فكانت مكافأتهما له عداوته وجر الناس إلى حربه.
وغيرهما ممن تركه وانصرف عنه كالذين
انصرفوا عنه إلىٰ معاوية بن أبي سفيان في جنح الليل ، وقد كان قادراً علىٰ
منعهم وردهم إلا أنه ترك لهم حرية الرأي وتحديد المصير ، وإن كان علىٰ خلاف
ما يريد ويهوىٰ ما لم يستلزم من ذلك محذوراً آخر يقتضي خلاف ذلك.
نعم لا ينافي هذا أنهم عليهمالسلام يُرشدون أمثال هؤلاء إلىٰ طريق
الحق ، كما لا
[١] بحار الأنوار : ج
٣٢ ، ص ٢٥ ، ح ٨ ، ب ١ ، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد : ج ١ ، ص ٢٣٢.
اسم الکتاب : ليلة عاشوراء في الحديث والأدب المؤلف : الشيخ عبد الله الحسن الجزء : 1 صفحة : 157