اسم الکتاب : حياة امام محمد الجواد عليه السلام المؤلف : باقر شريف القرشي الجزء : 1 صفحة : 246
وقد حدث عن مظاهر ذلك التكريم القاسم بن
عبد الرحمن ، وكان زيدياً ، قال : خرجت إلى بغداد ، فرأيت الناس يتشوفون ويقفون ،
فقلت : ما هذا؟ قالوا : ابن الرضا ، فقلت : والله لأنظر إليه ، فطلع ، وكان راكباً
على بغل أو بغلة ، فلعنت أصحاب الإمامة إذ يقولون : إنّ الله افترض طاعة هذا ، وبصر
بي الإمام فعدل إليَّ ، وقال : يا قاسم بن عبد الرحمن ( أبشراً واحداً نتّبعه إنّا
إذاً لفي ضلال وسعر ) وذهلت لمّا عرف نيّتي ، وقلت بإمامته [١].
محاضراته في بغداد :
واستغل الإمام أبو جعفر عليهالسلام مدّة بقائه في بغداد بالتدريس [٢] وبلورة الفكر العامّ بالعلوم والمعارف
الإسلامية ، وكان يلقي محاضراته القيّمة على العلماء والرواة في بهو بيته ، وقد
تناولت مختلف العلوم والفنون من علم الحديث ، والتفسير ، وعلم الفقه ، وعلم الكلام
، وعلم الأصول إلاّ أنّ علم الفقه قد حظي بالجانب الأكبر من اهتمامه.
سفره إلى يثرب :
وسافر الإمام أبو جعفر عليهالسلام بعد أن عقد على أمّ الفضل إلى يثرب ،
وقد استقر بها حفنة من السنين ، وقد قام بشؤون العلويّين ، كما قام بإعاشة الفقراء
والمحرومين ، فكان موئلهم ، أمّا هو فقد عاش عيشة بسيطة كعيشة آبائه ، فلم يرفّه
على نفسه ، وإنّما حمّلها من أمره رهقاً.
وقد احتفّ به الفقهاء والعلماء ورواة
الحديث ، وهو يفيض عليهم من نمير علومه ومعارفه ، وقد روى عنه العلماء جوانب كثيرة
من الفقه وغيره وقد ألمحنا إليها