إلاّ أنّه
يحتوي على فضيلة هذه العناوين كلّها بأعظم شكل ، إذ أنه يُعدّ في قاموس النهضات «
بطولة » وفي وجدان الشعوب « تضحية » وفي روح الدين « فداءا » وعلى صفحات التاريخ «
خلودا » ويكون قاعدة لإصلاحات كبيرة ، وبارودا لانفجارات مهيبة ، بعيدة أو قريبة ،
كما كانت نهضة الإمام الحسين الشهيد عليهالسلام.
[١]
وأخيرا : فإنّ من الممكن نفي اشتراط
الإمامة بـ « الخروج بالسيف » خاصّة ، على أساس المفهوم من حديث النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ دالا على إمامة الحسن والحسين عليهماالسلام ـ بقوله : « ابناي هذان إمامان ،
قاما أو قعدا ».[٢]
فإن القيام لو كان شرطا للإمامة ،
والقعود لو كان منافيا لها ، لما كان ـ حتى للنبي صلىاللهعليهوآلهوسلم
ـ أن يثبتها للحسنين عليهماالسلام
مع فرض القعود!.
ثم إنّ الحسنين عليهماالسلام ، قد استجمعا هذا الشرط ، فقاما وناضلا
، فما هو المبرّر لفرض القعود في حقّهما؟ وإبراز إمامتهما مع القعود؟ فليس من
الحكمة إضهار هذا المعنى ، لو كان حديث الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم
موجّها إليهما بالخصوص.
إلاّ أنّ من الواضح أنّ المراد تعميم
الحكم المذكور على الإمامة نفسها ، باعتبارها واقعا واحدا ، وعلى الأئمة جميعهم ،
باعتبارهم قائمين بأمر بعينه.
والمفهوم من الحديث : أنّ الإمامة إذا
ثبتتْ حسب الموازين المتّفق عليها ، التي أهمّها النصّ ، فإنّ القيام بالأمر
والقعود ، متساويان.
[١] تحدّثنا عن ذلك
في رسالة « ذكرى عاشوراء والاستلهام من معطياتها فقهيا وأدبيا ». ولا تزال مخطوطة.
[٢] حديث متفق عليه
بين المسلمين : صرّح بذلك الشيخ المفيد في النكت (ص ٤٨) الفقرة (٨٢) ورواه الصدوق
في علل الشرائع (١ : ٢١١) عن الحسن عليهالسلام
، والخزّاز في كفاية الأثر (ص ١١٧) من حديث أبي أيّوب الأنصاري ، والمفيد في
الإرشاد (ص ٢٢٠) وابن شهر آشوب في المناقب (٣ : ٣٩٤) وقال : أجمع عليه أهل القبلة ،
ورواه مجدالدين في التحف (ص ٢٢) وأرسله في حاشية شرح الأزهار (٤ : ٥٢٢) نقلا عن
كتاب الرياض ، ورواه الناصر في ينابيع النصيحة (ص ٢٣٧) وقال : لا شبهة في كون هذا
الخبر مما تلقته الامة بالقبول وبلغ حدّ التواتر فصحّ الاحتجاج به.