وكان من ترفه
أنه يلبس الثوب بأربعمائة دينار ، ويقول : « ما أخشنه! » [١].
وقال بعضهم :
كنّا نعطي الغسّال الدراهم الكثيرة حتى يغسل ثيابنا في إثر ثياب عمر بن عبد العزيز
، من كثرة الطيب الذي فيها [٢].
قال عبدالله بن عطاء التميمي : كنت مع
علي بن الحسين في المسجد فمرّ عمر بن عبدالعزيز ، وعليه نعلان شراكهما فضّة ، وكان
من أمجن الناس ، وهو شاب ... [٣].
ولما كان يتمتع به من ذكاء وتدبير ، كان
يراقب أعمال الإمام زين العابدين عليهالسلام
عن كثب ، فيجد أنه عليهالسلام
قد هيّأ بجهاده وصبره الأرضيّة الصالحة لانقلاب اجتماعي جذري على الحكم الأموي
المرواني.
وكان الإمام يتوسّم في عمر التطلّع الى
الخلافة ، فقد قال عليهالسلام
لعبد الله بن عطاء ـ ذيل حديثه السابق ـ : أترى هذا المترف ـ مشيرا الى عمر ـ إنه
لن يموت حتى يلي الناس ، فلا يلبث إلاّ يسيرا حتى يموت ، فإذا مات لعنه أهل السماء
، واستغفر له أهل الأرض [٤].
ففي هذا الحديث :
١ ـ يشاهد توسّم الإمام عليهالسلام في عمر أنه يتطلّع الى الحكم والولاية
، رغم بعده عنها ، واشتغاله في المدينة بما لا يمتّ الى ذلك.
وإعلانه عن هذا التوسّم يدل بوضوح على
أن الإمام كان يفكّر في شؤون الحكومة لا حاضرها بل ومستقبلها ، وأنه كان مفتوحا
أمامه بوضوح.
٢ ـ إن الإمام عليهالسلام كان يعرف من ذكاء عمر ودهائه أنه سوف
ينافق في ولايته ،
[٤] بصائر الدرجات (
ص ٤٥ ) ودلائل الإمامة للطبري ( ص ٨٨ ) وبحار الأنوار ( ٤٦ : ٢٣ و ٣٢٧ ) وإثبات
الهداة ( ٣ : ١٢ ) وقد روى عاصم بن حميد الحنّاط في أصله ( ص ٢٣ ) قريبا من هذا
النص عن عبدالله بن عطاء قال : كنت آخذا بيد أبي جعفر عليهالسلام وعمر بن عبدالعزيز عليه ثوبان معصفران
، قال : فقال أبو جعفر : أما أنه سيلي ثم يموت ، فيبكي عليه أهل الأرض ويلعنه أهل
السماء ، ودلالته على المعاني التي ذكرناها أوضح.