إنّ التشيّع ، وفي عصر الإمام زين
العابدين عليهالسلام خاصة ـ كان
يواجه صعوبات بالغة الشدّة ، حيث كان الظلم مستوليا على كل المرافق والمقدّرات ،
ولم يكن بالإمكان القيام بأية مقاومة إيجابية ، أو محاولة.
فآخر ثورة تلك التي أعلنها الإمام
الحسين عليهالسلام في صدّ
التعدّي الغاشم ، كان قد قضي عليها ، وعلى جميع عناصرها بشكل دموي ، وبقي منهم «
غلام » فقط. وهو « الإمام زين العابدين عليهالسلام
».
وكانت الأوضاع
الاجتماعية تسير باتجاه خطر ، خطورة الإجهاز على أساس النهضة ، وإخماد روح الوثبة
الإسلامية ، بل القضاء على كل تفكير من هذا القبيل ، وتناسيه الى الابد.
وأبرز نموذج لهذه المشكلة ، أنّ الإمامة
ـ وهي الجهاز الوحيد الباقي من كل مرافق الحكومة الإسلامية العادلة ـ أصبحت على
شرف التناسي عن الأذهان ، لأن نظام الحكم الأموي استولى على كل أجهزة الإعلام من
المنبر ، والمحراب ، والمسجد ، واشترى ذمم كل ذوي النفوذ في الرأي العام من قاض
وحاكم ووالي ، وأصبحت كل الإمكانات في قبضة « الخلافة! » وفي خدمة « الخليفة »!
أما الإمام زين العابدين ، فقد بقي
وحيدا في مواجهة المشكلات ، مع أن الإرهاب والذعر كان يتحكم في الرقاب ، ويستولي
على النفوس.
في مثل هذه الظروف أصبح « الدعاء » ملجأ
للإمام وللإمامة ، لا ، بل موقعا اتّخذه الإمام زين العابدين عليهالسلام للصمود والهجوم :
صمود ماذا؟
ـ صمود ذلك الفكر ، وذلك الهتاف ، وذلك
الإيمان ، الذي جنّدت الدولة الأموية كل الإمكانات في العالم الإسلامي ضدّه.