ومن أبرز
المظاهر الفذّة في سيرة الإمام زين العابدين عليهالسلام
الادعية المأثورة عنه ، فقد تميّز ما نقل عنه بالكثرة ، والنفس الطويل ، والشهرة
والتداول ، لما تحتويه من أساليب جذّابة ومستهوية للقلوب ، تتجاوب معها الأرواح
والنفوس ، وما تضمنته من معان راقية تتفاعل مع العقول والأفكار.
وقد كان
للأدعية التي أصدرها أبعاد فكرية واسعة المدى ، بالنصوص الحاسمة لقضايا عقائدية
إسلامية ، كانت بحاجة الى البت فيها بنصّ قاطع ، بعد أن عصفت بالعقيدة ، تيّارات
الإلحاد ، كالتشبيه والجبر والإرجاء ، وغيرها مما كان الأمويون وراء بعثها
وإثارتها وترويجها ، بهدف تحريف مسيرة التوحيد والعدل ، تمهيدا للردّة عن الإسلام
، والرجوع الى الجاهلية الاولى.
وفي حالة القمع والإبادة ، ومطاردة كل
المناضلين الأحرار ، وتتبّع آثارهم وخنق أصواتهم ، كان قرار الإمام زين العابدين عليهالسلام باتّباع سياسة الدعاء ، أنجح وسيلة
لبثّ الحقائق وتخليدها ، وأءمن طريقة ، وأبعدها من إثارة السلطة الغاشمة ، وأقوى
أداة اتصال سريّة مكتومة ، هادئة ، موثوقة.
كما كانت لنصوص الأدعية أصداء قويّة في
ميادين الأدب ، الذي له وقع كبير في نفوس الشعوب ، وخاصة الشعب العربي ، وله تركيز
كثير في قرارات أذهان الناس وذاكرتهم.
ولقد استخدم الأئمة عليهمالسلام تأثير الأدب في الناس ، فكانوا يهتمّون
بذلك ، سواء في تطعيم ما يصدرونه ، بألوان زاهية من الأدب العربي الراقي ، نثرا
وشعرا ، كما كانوا يبعثون الشعراء على نظم القضايا الفكرية ، والحقّة ، في أشعارهم
، ويروّجونها بين الناس.
ولقد استثار الأئمة عليهمالسلام ـ على طول خط الإمامة ـ شعراء فطاحل من
المتشيّعين ، للنظم في قضايا عقيدية تؤدي الى تثبيت الحق والدعوة الى الإسلام من
خلال مذهب أهل البيت عليهمالسلام
، حتى اشتهر عنهم الحديث «
من قال فينا بيتا من