responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : جهاد الامام السجّاد المؤلف : الحسيني الجلالي، السيد محمد رضا    الجزء : 1  صفحة : 180

وبينما يعدّ الطغاة ظاهرة البكاء دليلا على العجز والضعف والانكسار والمغلوبيّة ، فهم يكفّون اليد عن الباكي ، لكون بكائه علامة لاندحاره أمام القوّة ، وعلامة الاستسلام للواقع ، نجد عامة الناس ، يبدون اهتماما بليغا لهذه الظاهرة ، تستتبع عطفهم ، وتستدرّ تجاوبهم الى حدّ ما ، وأقلّ ما يبدونه هو نشدانهم عن أسباب البكاء؟

وتزداد كلّ هذه الأمور شدّة إذا كان الباكي رجلا شريفا معروفا! وبالأخص إذا كان يفيض الدمعة بغزارة فائقة ، وباستمرار لا ينقطع! كما كان من الإمام زين العابدين عليه‌السلام ، حتى عدّ في البكّائين ، وكان خامسهم بعد آدم ، ويعقوب ، ويوسف ، وجدّته فاطمة الزهراء [١].

إن البكاء على شهداء كربلاء ، وثورتها ، لم يكن في وقت من الأوقات أمر حزن ناتج من إحساس بالضعف والانكسار ، ولا عبرة يأس وقنوط ، لأن تلك الأحداث ، بظروفها ومآسيها قد مضت ، وتغيّرت ، وذهب أهلوها ، وعرف حقّها من باطلها ، وأصبحت للمقتولين كرامة وخلودا ، وللقاتلين لعنة ونقمة ، لكنّ البكاء عليهم وعلى قضيّتهم ، كان أمر عبرة وإثارة واستمداد من مفجّرها ، وصانع معجزتها ، وحزنا على عرقلة أهدافها المستلهمة من ثورة الإسلام التي قام بها النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم.

والدليل على كل ذلك أن لكلّ حزن أمدا ، يبدأ من حين المصيبة الى فترة طالت أو قصرت ، وينتهي ولو بعد جيل من الناس.

أما قبل حدوث المصيبة ، فلم يؤثر في المعتاد ، أو المعقول للناس ، أن يبكوا لشيء.

لكن قضيّة الحسين أبي عبدالله عليه‌السلام ، قد أقيمت الأحزان عليها قبل وقوعها بأكثر من نصف قرن ، واستمرّ الحزن عليه الى الأبد ، فهي الى القيامة باقية.

والذين أثاروا هذا الحزن ، قبل كربلاء ، وأقاموا المآتم بعد كربلاء : هم الأئمة من أهل البيت عليهم‌السلام.

فمنذ ولد الحسين عليه‌السلام أقام النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مآتم على سبطه الوليد ذلك اليوم ، الشهيد بعد غد.

__________________

(١) الخصال للصدوق ( ص ٢٧٢ ) وأمالي الصدوق ( المجلس ٢٩ ) ص (١٢١).

اسم الکتاب : جهاد الامام السجّاد المؤلف : الحسيني الجلالي، السيد محمد رضا    الجزء : 1  صفحة : 180
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست