responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : جهاد الامام السجّاد المؤلف : الحسيني الجلالي، السيد محمد رضا    الجزء : 1  صفحة : 124

فاحذروا ما حذّركم الله منها ، وازهدوا في ما زهّدكم الله فيه منها.

ولا تركنوا الى ما في هذه الأمور ركون من اتخذها دار قرار ومنزل استيطان.

والله! إنّ لكم مما فيها لدليلا ، وتنبيها ، من تصرّف أيّامها ، وتغيّر انقلابها ومثلاتها ، وتلاعبها بأهلها ، إنّها لترفع الخميل ، وتضع الشريف ، وتورد أقواما الى النار غدا ، ففي هذا معتبر ومختبر وزاجر لمنتبه.

إنّ الأمور الواردة عليكم في كل يوم وليلة من مضلاّت الفتن ، وحوادث البدع ، وسنن الجور ، وبوائق الزمان ، وهيبة السلطان ، ووسوسة الشيطان ، لتثبّط القلوب عن تنبّهها ، وتذهلها عن موجود الهدى ، ومعرفة أهل الحقّ إلاّ قليلا ممن عصم الله ، فليس يعرف تصرّف أيّامها وتقلّب حالاتها ، وعاقبة ضرر فتنتها إلاّ من عصم الله ، ونهج سبيل الرشد ، وسلك طريق القصد ، ثم استعان على ذلك بالزهد ، فكرّر الفكر ، واتّعظ بالعبر فازدجر ، وزهد في عاجل بهجة الدنيا ، وتجافى عن لذّاتها ، ورغب في دائم نعيم الآخرة ، وسعى لها سعيها ، وراقب الموت ، وشنأ الحياة مع القوم الظالمين ، ونظر الى ما في الدنيا بعين نيّرة حديدة النظر ، وأبصر حوادث الفتن ، وضلال البدع ، وجور الملوك الظلمة.

فقد ـ لعمري ـ استدبرتم الأمور الماضية في الأيام الخالية من الفتن المتراكمة ، والانهماك فيها ، ما تستدلّون به على تخيّب الغواة وأهل البدع ، والبغي ، والفساد في الأرض ، بغير الحقّ.

فاستعينوا بالله ، وارجعوا الى طاعة الله ، وطاعة من هو أولى بالطاعة ممّن اتبع فاطيع.

فالحذر ، الحذر ، من قبل الندامة والحسرة والقدوم على الله ، والوقوف بين يديه.

وتالله! ما صدر قوم قطّ عن معصية الله إلاّ الى عذابه ، وما آثر قوم ـ قطّ ـ الدنيا على الآخرة ، إلاّ ساء منقلبهم ، وساء مصيرهم.

وما العلم بالله والعمل بطاعته إلاّ إلفان مؤتلفان ، فمن عرف الله خافه ، وحثّه الخوف على العمل بطاعة الله.

وإنّ أرباب العلم وأتباعهم الذين عرفوا الله فعملوا له ، ورغبوا إليه ، فقد قال الله : ( إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء ) [ فاطر «٣٥» الآية : ٤ ].

فلا تلتمسوا شيئا مما في هذه الدنيا بمعصية الله ، واشتغلوا في هذا الدنيا بطاعة الله ،

اسم الکتاب : جهاد الامام السجّاد المؤلف : الحسيني الجلالي، السيد محمد رضا    الجزء : 1  صفحة : 124
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست