يتميّز الإمام في نظر الشيعة ، بأنّه
ليس وليّا للأمر ، وحاكما على البلاد والعباد فحسب ، بل هو مصدر لتشريع الأحكام
أيضا ، باعتبار معرفته التامّة بالشريعة وارتباطه الوثيق بمصادرها.
والانحراف
الذي حصل عن أئمة أهل البيت عليهمالسلام
لم يكن في جانب حكمهم وولايتهم فقط ، بل الأضرّ من ذلك هو الانحراف عن أحكام
الشريعة التي كانوا يحملونها!
والحكّام الذين استولوا على أريكة
الخلافة بأشكال من التدابير السياسيّة حتّى بلغ أمرها أن صارت « ملكا عضوضا »
كانوا يدركون أنّ أئمّة أهل البيت عليهمالسلام
هم أولى منهم في كلا جانبي الحكم والولاية ، وكذلك في جانب الفقه والعلم بالشريعة.
وكما أزْوَوا
أئّمة أهل البيت عن الحكم والولاية على الناس ، حاولوا أيضا ـ إزواءهم عن الفقه
وإبعاد الناس عنهم ، وذلك باختلاق مذاهب فقهيّة روّجوها بين الناس ، وعارضوا
الأحكام التي صدرت من أئمة أهل البيت عليهمالسلام
، وحاربوا فقهاءهم بشتّى الأساليب ، فكان من أعظم اهتمامات الأئمة وأتباعهم هو
إرشاد الناس الى هذا المعين الصافي للشريعة الإسلاميّة كي ينتهلوا منه.
وقد كان اهتمام الإمام السجّاد عليهالسلام بليغا بهذا الأمر ، حيث كان يعيش
بدايات الانحراف!
ولقد دعا الإمام عليهالسلام الى فقه أهل البيت عليهمالسلام لكونه أصفى المناهل وأعذبها ، وأقربها
من معين القرآن الكريم ، وسنّة الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم
« فأهل البيت
أدرى بما في البيت ».
ففي كلام له يشرح اختلاف
الاُمّة ، يقول :
وكيف
بهم؟
وقد
خالفوا الآمرين ، وسبقهم زمان الهادين ، ووُكّلوا إلى أنفسهم ، يتنسّكون في
الضلالات في دياجير الظلمات